سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ١٠٠
سيما مناما خوفوه (1) من القاهر جدا. كان (2) رأس الساجية فأضمر الشر، فانتدب طائفة لاغتياله وبكروا، وكان نائما به سكر، وهرب وزيره وحاجبه، فهجموا عليه بالسيوف، فهرب إلى سطح، فاستتر، ثم ظفروا به وبيده سيف مسلول، فقالوا: انزل، فامتنع فقالوا: نحن عبيدك، ثم فوق (3) واحد إليه سهما، وقال: انزل وإلا قتلتك، فنزل، فأمسكوه (4) في سادس جمادى الآخرة. وبايعوا الراضي بالله محمد بن المقتدر (5)، ثم خلع وأكحل بمسمار لسوء سيرته وسفكه الدماء. وكانت خلافته سنة ونصفا وأسبوعا.
قال الصولي (6): كان أهوج، سفاكا للدماء، كثير التلون، قبيح السيرة، مدمن الخمر، ولولا جودة حاجبه سلامة لأهلك الحرث والنسل.
وكان قد صنع حربة يحملها فلا يطرحها حتى يقتل (7) إنسانا.
قال محمد بن علي: أحضرني القاهر يوما وبيده حربة، فقلت:
الأمان، قال: على الصدق، قلت: نعم. قال: أسألك عن خلفاء بني العباس؟ فذكرت له من أحوالهم، وهو يسأل عنهم واحدا واحدا فقال: قد سمعت قولك، وكأني مشاهد القوم، وقام وبيده الحربة، فاستسلمت للقتل، فعطف إلى دور الحرم (8).
قال المسعودي: أخذ من مؤنس وأصحابه أموالا كثيرة. فلما خلع.

(1) في الأصل: حرفوه، وهو تصحيف.
(2) أي: سيما.
(3) أي جعل الوتر في فوقه عند الرمي.
(4) " الكامل ": 8 / 280 - 281.
(5) ستأتي ترجمته رقم / 58 / من هذا الجزء.
(6) ستأتي ترجمته رقم / 142 / من هذا الجزء.
(7) " تاريخ الخلفاء ": 388.
(8) " مروج الذهب ": 2 / 514 - 518.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»