سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ١٠٧
بأزيد من مئتي دينار، وأكلوا الجيف، وخرجت الروم، فعاثوا بأعمال حلب (1). وفيها استوزر المتقي أبا عبد الله البريدي برأي ابن رائق، ثم عزل بالقراريطي، فذهب مغاضبا، وجمع العساكر (2). وفي جمادى الأولى ركب المتقي لله وولده أبو منصور، وابن رائق، والوزير القراريطي، وبين أيديهم القراء والمصاحف لحرب البريدي، ثم انحدر من الشماسية في دجلة، وثقل كرسي الجسر، فانخسف بخلق (3). وأمر ابن رائق بلعنة البريدي على المنابر، ثم أقبل أبو الحسين علي بن [محمد] البريدي أخو أبي عبد الله، فهزم المتقي، وابن رائق، وكان معه خلق من الديلم والترك، والقرامطة. ووقع النهب ببغداد، وزحف ابن البريدي على الدار، وعظم الخطب. وقتل جماعة بدار الخلافة، وهرب المتقي وابنه، وابن رائق إلى الموصل، واختفى القراريطي الوزير. وبعث ابن البريدي بكورتكين مقيدا إلى أخيه فأتلفه، وحكم أبو الحسين ببغداد، وتعثرت الرعية، وهجوا، وبلغ الكر أزيد من ثلاث مئة دينار، وغرقت (4) بغداد. ثم فارقه توزون وراح إلى الموصل، فقوي قلب ناصر الدولة ابن حمدان، وعزم أن ينحدر إلى بغداد بالمتقي. فتهيأ أبو الحسين بن البريدي، وترددت الرسل بين ابن رائق وبين ابن حمدان، فتحالفا، فجاء ابن حمدان واجتمع به، وحضر ابن المتقي فلما ركب ابن المتقي، قدم فرس ابن رائق ليركب، فتعلق به ابن حمدان، وقال: تقيم عندنا اليوم نتحدث، فقال:
كيف أتخلف عن ولد أمير المؤمنين؟ فألح عليه حتى ارتاب وجذب كمه من

(1) " الكامل ": 8 / 391 - 392.
(2) " الكامل ": 8 / 379.
(3) أخبار الراضي والمتقي: 223.
(4) " الكامل ": 8 / 380 - 381.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»