سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ١٠١
طولب بها، فأنكر، فعذب بأنواع العذاب، فما أقر بشئ، فأخذه الراضي بالله، فقربه وأدناه، وقال: ترى مطالبة الجند لنا، والذي عندك ليس بنافعك، فاعترف به، قال: أما إذ فعلت هذا (1)، فالمال دفنته في البستان. وكان قد أنشأ بستانا فيه أصناف الثمر، والقصر الذي زخرفه، فقال: وفي أي مكان هو؟ قال: أنا مكفوف ولا أهتدي إلى البقعة، فاحفر البستان تجده، فحفروا البستان وأساس القصر، وقلعوا الشجر فلم يوجد شئ. فقال: وأين المال؟ قال: وهل عندي مال؟!! إنما كان حسرتي في جلوسك في البستان وتنعمك ففجعتك به (2). فأبعده وحبسه، فأقام إلى سنة ثلاث وثلاثين، ثم أخرج إلى دار ابن طاهر، فكان تارة يحبس، وتارة يهمل. فوقف يوما بالجامع بين الصفوف، وعليه جبة بيضاء وقال: تصدقوا علي، فأنا من قد عرفتم. وأراد أن يشنع على الخليفة المستكفي، فقام إليه ابن أبي موسى الهاشمي، فأعطاه ألف درهم، فمنعوه من الخروج (3).
ثم مات في سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة. وله ثلاث وخمسون سنة، وله من الأولاد: عبد الصمد، وأبو القاسم، وأبو الفضل، وعبد العزيز (4).
ووزر له أبو علي بن مقلة، ثم محمد بن القاسم، ثم الخصيبي.
ونفذ على إمرة مصر أحمد بن كيغلغ، إذ توفي أميرها تكين الخاصة (5).

(1) أي: من إكرامه له.
(2) " مروج الذهب ": 2 / 528.
(3) " المنتظم ": 6 / 265.
(4) " تاريخ الخلفاء ": 390.
(5) تقدمت ترجمته رقم / 55 / من هذا الجزء.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»