على الحسين بن منصور بين المغرب والعتمة، فوجدته يصلي، فجلست كأنه لم يحس بي، فسمعته يقرأ سورة البقرة، فلما ختمها، ركع وقام في الركوع طويلا، ثم قام إلى الثانية، قرأ الفاتحة وآل عمران، فلما سلم تكلم بأشياء لم أسمعها، ثم أخذ في الدعاء، ورفع صوته كأنه مأخوذ من نفسه وقال: يا إله الآلهة! ورب الأرباب! ويا من لا تأخذه سنة! رد إلي نفسي لئلا يفتتن في عبادك، يا من هو أنا وأنا هو! ولا فرق بين إنيتي وهويتك إلا الحدث والقدم. ثم رفع رأسه ونظر إلي وضحك في وجهي ضحكات، ثم قال لي:
يا أبا إسحاق! أما ترى إلى ربي ضرب قدمه في حدثي حتى استهلك حدثي في قدمه، فلم تبق لي صفة إلا صفة القدم، ونطقي من تلك الصفة، فالخلق كلهم أحداث ينطقون عن حدث، ثم إذا نطقت عن القدم ينكرون علي ويشهدون بكفي، وسيسعون إلى قتلي، وهم في ذلك معذورون، وبكل ما يفعلون مأجورون.
وعن عثمان بن معاوية قيم جامع الدينور قال: بات الحسين بن منصور في هذا الجامع ومعه جماعة، فسأله واحد منهم فقال: يا شيخ! ما تقول فيما قال فرعون؟ قال: كلمة حق. قال: فما تقول فيما قال موسى عليه السلام؟ قال: كلمة حق، لأنهما كلمتان جرتا في الأبد كما أجريتا في الأزل.
وعن الحسين قال: الكفر والايمان يفترقان من حيث الاسم، فأما من حيث الحقيقة، فلا فرق بينهما.
عن جندب بن زاذان تلميذ الحسين قال: كتب الحسين إلي: بسم الله المتجلي عن كل شئ لمن يشاء، والسلام عليك يا ولدي، ستر الله عنك ظاهر الشريعة، وكشف لك حقيقة الكفر، فإن ظاهر الشريعة كفر، وحقيقة