سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٥٧
وفي سنة ثمان ضمن حامد سائر السواد، وعسف، وغلت الأسعار، فثارت الغوغاء وهموا به، فشد عليهم مماليكه، فثبتوا لهم، وعظم الخطب، وقتل جماعة فاستضرت الغوغاء، وأحرقوا الجسر، ورجموا حامدا في الطيار (1).
وكان مع جبروته جوادا معطاءا.
قال هاشمي (2): كان من أوسع من رأيناه نفسا، وأحسنهم مروءة، وأكثرهم نعمة، ينصب في داره عدة موائد، ويطعم حتى العامة والخدم، يكون نحو أربعين مائدة. رأى في دهليزه قشر باقلى، فقال لوكيله: ما هذا؟ قال: فعل البوابين. فسئلوا، فقالوا: لنا جراية ولحم نؤديه إلى بيوتنا؟ فرتب لهم. ثم رأى بعد قشورا فشاط، وكان يسفه، ثم رتب لهم مائدة وقال: لئن رأيت بعدها قشرا لأضربنك بالمقارع.
وقيل: وجد في مرحاض له أكياس فيها أربع مئة ألف دينار. كان يدخل للحاجة في كمه كيس فيلقيه، فأخذوا في نكبته (3). ولما عزل حامد وابن عيسى وأعيد ابن الفرات عذب حامدا.
قال المسعودي: كان في حامد طيش، كلمه إنسان، فقلب حامد ثيابه على كتفه وصاح: ويلكم! علي به. قال: ودخلت عليه أم موسى القهرمانة، وكانت عظيمة المحل، فخاطبته في طلب المال، فقال:
اضرطي والتقطي، واحسبي لا تغلطي.

(1) الخبر في " النجوم الزاهرة " 3 / 198، والطيار: زورق فخم لركوب العظماء، يدل اسمه على أنه سريع الجريان.
(2) هو القاضي أبو الحسن، محمد بن عبد الواحد الهاشمي، والخبر في " نشوار المحاضرة " 1 / 22 23.
(3) " نشوار المحاضرة " 1 / 24.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»