سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٤٦٧
صوفه، وركب، وصحبته إلى أن مات، فما سمعته يذكر الأسد، لقلة احتفاله به (1).
قلت: وكان في المعتضد حرص، وجمع للمال. حارب الزنج، وله مواقف مشهودة، وفي دولته سكتت الفتن، وكان فتاه بدر على شرطته، وعبيد الله بن سليمان على وزارته، ومحمد بن شاه على حرسه، وأسقط المكس (2)، ونشر العدل، وقلل من الظلم، وكان يسمى السفاح الثاني، أحيا رميم الخلافة التي ضعفت من مقتل المتوكل، وأنشأ قصرا غرم عليه أربع مئة ألف دينار، وكان مزاجه قد تغير من فرط الجماع وعدم الحمية، حتى إنه أكل في مرضه زيتونا وسمكا.
ونقل المسعودي (3) أنهم شكوا في موته، فتقدم الطبيب، فجس نبضه، ففتح عينيه، فرفس الطبيب دحرجه أذرعا، فمات الطبيب، ثم مات المعتضد من ساعته. كذا قال.
وقال الخطبي في " تاريخه ": حبس الموفق ابنه أبا العباس، فلما اشتدت علة الموفق، عمد غلمان أبي العباس، فأخرجوه، وأدخلوه إلى أبيه، فلما رآه، أيقن بالموت، فقيل: إنه قال: لهذا اليوم خبأتك. ثم فوض إليه، وضم الجيش إليه، وخلع عليه قبل موته بثلاث.
قال: وكان أبو العباس شهما، جلدا، رجلا بازلا، موصوفا بالرجلة والجزالة، قد لقي الحروب، وعرف فضله، فقام بالامر أحسن قيام، وهابه

(1) انظر: المنتظم: 5 / 129.
(2) المكس: الجباية.
(3) 2 / 490.
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»