ولما قتل المتوكل غيلة (1)، ثم قتل المعتز (2)، ثم المستعين (3) والمهتدي (4)، وضعف شأن الخلافة توثب ابنا الصفار إلى أن أخذا خراسان، بعد أن كانا يعملان في النحاس، وأقبلا لاخذ العراق وقلع المعتمد.
وتوثب طرقي داهية بالزنج على البصرة (5)، وأباد العباد ومزق الجيوش، وحاربوه بضع عشرة سنة إلى أن قتل. وكان مارقا، بلغ جنده مئة ألف.
فبقي يتشبه بهؤلاء كل من في رأسه رئاسة، ويتحيل على الأمة ليرديهم في دينهم ودنياهم، فتحرك بقرى الكوفة رجل أظهر التعبد والتزهد، وكان يسف الخوص ويؤثر، ويدعو إلى إمام أهل البيت، فتلفق له خلق وتألهوه إلى سنة ست وثمانين، فظهر بالبحرين أبو سعيد الجنابي، وكان قماحا، فصار معه عسكر كبير، ونهبوا، وفعلوا القبائح، وتزندقوا، وذهب الاخوان يدعوان إلى المهدي بالمغرب، فثار معهما البربر، إلى أن ملك عبد الله الملقب بالمهدي غالب المغرب، وأظهر الرفض، وأبطن الزندقة، وقام