روى أبو العباس بن سريج، عن إسماعيل القاضي، قال: دخلت على المعتضد، وعلى رأسه أحداث روم ملاح، فنظرت إليهم، فرآني المعتضد أتأملهم، فلما أردت الانصراف، أشار إلي، ثم قال: أيها القاضي! والله ما حللت سراويلي على حرام قط (1).
ودخلت مرة، فدفع إلي كتابا، فنظرت فيه، فإذا قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء، فقلت، مصنف هذا زنديق. فقال: ألم تصح هذه الأحاديث؟ قلت: بلى، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء، وما من عالم إلى وله زلة، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه. فأمر بالكتاب فأحرق (2).
قال أبو علي المحسن التنوخي: بلغني عن المعتضد أنه كان جالسا في بيت يبنى له، فرأى فيهم أسود منكر الخلقة يصعد السلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعف ما يحمله غيره، فأنكر ذلك، وطلبه، وسأله عن سبب ذلك، فتلجلج، فكلمه ابن حمدون فيه، وقال: من هذا حتى صرفت فكرك إليه؟ قال: قد وقع في خلدي أمر ما أحسبه باطلا، ثم أمر به، فضرب مئة، وتهدده بالقتل، ودعا بالنطع (3) والسيف، فقال: الأمان، أنا أعمل في أتون الآجر، فدخل من شهور رجل في وسطه هميان (4)، فأخرج دنانير، فوثبت عليه، وسددت فاه، وكتفته، وألقيته في الأتون، والذهب معي يقوى به قلبي، فاستحضرها، فإذا على الهميان اسم صاحبه، فنودي في