رجعت إلى حمص، ثم إلى الرقة، ثم ركبت إلى العراق، كل هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة. خرجت من الري، فدخلت الكوفة في رمضان سنة ثلاث عشرة، وجاءنا نعي المقرئ (1) وأنا بالكوفة، ثم رحلت ثانيا سنة اثنتين وأربعين، ثم رجعت إلى الري سنة خمس وأربعين، وحججت رابع حجة في سنة خمس وخمسين. وحج فيها عبد الرحمن ابنه (2).
سمعت أبي يقول: كتب عني محمد بن مصفى جزءا انتخبه (3).
وكلمني دحيم في حديث أهل طبرية، وكانوا سألوني التحديث، فقلت: بلدة يكون فيها مثل دحيم القاضي أحدث أنا بها؟! فكلمني دحيم، فقال: إن هذه بلدة نائية عن جادة الطريق، فقل من يقدم عليهم يحدثهم (4).
سمعت أبي يقول: بقيت في سنة أربع عشرة ثمانية أشهر بالبصرة، وكان في نفسي أن أقيم سنة، فانقطعت نفقتي، فجعلت أبيع ثيابي حتى نفدت، وبقيت بلا نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة، وأسمع إلى المساء، فانصرف رفيقي، ورجعت إلى بيتي، فجعلت أشرب الماء من الجوع، ثم أصبحت، فغدا علي رفيقي، فجعلت أطوف معه [في سماع الحديث] على جوع شديد، وانصرفت جائعا، فلما كان من الغد،