سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٢٥٨
أمشي وأجر رجلي، حتى إذا بلغت إلى عند سفينتهم، وأتوا بالشيخ، وأحسنوا إلينا، فبقينا أياما حتى رجعت إلينا أنفسنا، ثم كتبوا لنا كتابا إلى مدينة يقال لها: راية (1)، إلى واليهم، وزودونا من الكعك والسويق والماء.
فلم نزل نمشي حتى نفد ما كان معنا من الماء والقوت، فجعلنا نمشي جياعا على شط البحر، حتى دفعنا إلى سلحفاة مثل الترس، فعمدنا إلى حجر كبير، فضربنا على ظهرها، فانفلق، فإذا فيها مثل صفرة البيض، فتحسيناه حتى سكن عنا الجوع، ثم وصلنا إلى مدينة الراية، وأوصلنا الكتاب إلى عاملها، فأنزلنا في داره، فكان يقدم لنا كل يوم القرع، ويقول لخادمه:
هاتي لهم اليقطين المبارك. فيقدمه مع الخبز أياما، فقال واحد منا: ألا تدعو باللحم المشؤوم؟! فسمع صاحب الدار، فقال: أنا أحسن بالفارسية، فإن جدتي كانت هروية، وأتانا بعد ذلك باللحم، ثم زودنا إلى مصر (2).
وسمعت أبي يقول: كتبت الحديث سنة تسع، وأنا ابن أربع عشرة سنة، وكتبت عن عتاب بن زياد المروزي (3) سنة عشر، فلما قدم علينا حاجا (4) وكنت أفيد الناس عن أبي عبد الرحمن المقرئ، وأنا بالري، فيخرج الناس إليه، فيسمعون منه، ويرجعون وأنا بالري (5).

(١) الراية: محلة عظيمة بفسطاط مصر، وهي المحلة التي في وسطها جامع عمرو بن العاص. انظر سبب التسمية عند: ياقوت.
(٢) انظر: الجرح والتعديل: ١ / ٣٦٤ - ٣٦٦. والزيادة منه.
(٣) في الأصل: " عتاب بن زهير الهروي ". وهو خطأ. والتصويب من " الجرح ".
وهو من رجال " التهذيب ".
(٤) عبارة " الجرح ": " قدم علينا من خراسان يريد الحج ".
(٥) الجرح والتعديل: ١ / 366.
(٢٥٨)
مفاتيح البحث: خراسان (1)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»