سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٩١
في الأحايين، وكثرة الاستغفار في السحر. فهذه شمائل الأولياء، وصفات المحمديين. أماتنا الله على محبتهم.
وبالاسناد إلى أبي نعيم: حدثنا أبو أحمد الحافظ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، سمعت أحمد بن أبي الحواري، يقول: من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب أخرج الله نور اليقين والزهد من قلبه (1). ثم روى أبو نعيم، عن السلمي الحكايتين في تغريق كتب أحمد في البحر (2).
وبه: حدثنا عبد الله بن محمد إملاء، حدثنا عمر بن بحر، سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: بينا أنا في قبة بالمقابر بلا باب إلا كساء أسبلته، فإذا أنا بامرأة تدق على الحائط فقلت: من هذا؟ قالت: ضالة، فدلني على الطريق. فقلت: رحمك الله، أي الطريق تسلكين (3)، فبكت، ثم قالت: على طريق النجاة، يا أحمد. قلت: هيهات! إن بيننا وبينها عقابا، وتلك العقاب لا تقطع إلا بالسير الحثيث، وتصحيح المعاملة، وحذف العلائق الشاغلة. فبكت، ثم قالت: سبحان من أمسك عليك جوارحك، فلم تتقطع، وفؤادك فلم يتصدع. ثم خرت مغشيا عليها.
فقلت لبعض النساء: أي شئ حالها؟ فقمن، ففتشنها، فإذا وصيتها في جيبها: كفنوني في أثوابي هذه. فإن كان لي عند الله خير فهو أسعد لي، وإن كان غير ذلك فبعدا لنفسي، قلت: ما هي؟ فحركوها، فإذا هي ميتة.
فقلت: لمن هذه الجارية؟ قالوا: جارية قرشية مصابة، وكان قرينها يمنعها من الطعام، وكانت تشكو إلينا وجعا بجوفها، فكنا نصفها للأطباء، فتقول:

(1) سبق الخبر في الصفحة: 88.
(2) " حلية الأولياء " 10 / 6 (3) في " حلية الأولياء " 10 / 11: تسألين
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»