وأشرف من صومعته: ما اسمك؟ قال: جريج. قلت: ما يحبسك؟ قال:
حبست نفسي عن الشهوات. قلت: أما كان يستقيم لك أن تذهب معناها هنا، وتجئ وتمنعها الشهوات؟ قال: هيهات!! هذا الذي تصفه قوة، وأنا في ضعف، قلت: ولم تفعل هذا؟ قال: نجد في كتبنا أن بدن ابن آدم خلق من الأرض، وروحه خلق من ملكوت السماء، فإذا أجاع بدنه وأعراه وأسهره وأقمأه نازع الروح إلى الموضع الذي خرج منه، وإذا أطعمه وأراحه أخلد البدن إلى المواضع الذي منه خلق، فأحب الدنيا. قلت: فإذا فعل هذا يعجل له في الدنيا الثواب؟ قال: نعم، نور يوازيه (1). قال: فحدثت بهذا أبا سليمان الداراني، فقال: قاتله الله، إنهم يصفون (2).
قلت: الطريقة المثلى هي المحمدية، وهو الاخذ من الطيبات، وتناول الشهوات المباحة من غير إسراف، كما قال تعالى: * (يا أيها الرسل، كلوا من الطيبات، واعملوا صالحا) * [المؤمنون: 51]. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وآتي النساء، وآكل اللحم.
فمن رغب عن سنتي فليس مني (3) "، فلم يشرع لنا الرهبانية (4)، ولا