سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٧٥
صحيح، تفرد به حميد الطويل، أخرجه أصحاب الكتب الستة (1) من طريق ابن علية، وجماعة عنه.
وقد كان أحمد يكره تدوين المسائل، ويحض على كتابة الأثر، فقال عبد الرحمن بن خاقان: سألت أحمد بن حنبل عن أبي ثور، فقال: لم يبلغني عنه إلا خير، إلا أنه لا يعجبني الكلام الذي يصيرونه في كتبهم (2).
وقيل: سئل أحمد عن مسألة، فقال للسائل: سل غيرنا، سل الفقهاء سل أبا ثور (3).
وقال بدر (4) بن مجاهد: قال لي سليمان الشاذكوني: اكتب رأي الشافعي، واخرج إلى أبي ثور، ولا يفوتنك بنفسه (5).
قال الخطيب: كان أبو ثور يتفقه أولا بالرأي، ويذهب إلى قول العراقيين، حتى قدم الشافعي، فاختلف إليه، ورجع عن الرأي إلى الحديث (6).
وقال أبو حاتم (7): يتكلم بالرأي، فيخطئ ويصيب، ليس محله

(1) أخرجه البخاري 1 / 333 في الغسل: باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس، وباب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره، ومسلم (371) في الحيض، وأبو داود (231) والترمذي (121) والنسائي 1 / 145، 146، وابن ماجة (534) وفي الباب عن حذيفة بن اليمان عند مسلم (372) وأبي داود (230) والنسائي 1 / 145.
(2) " تاريخ بغداد " 6 / 66، و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 75 (3) " تاريخ بغداد " 6 / 67، وانظر " وفيات الأعيان " 1 / 26، و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 75.
(4) في الأصل: بد بن مجاهد، والمثبت من " تاريخ بغداد " 6 / 67، و " تهذيب التهذيب " 1 / 118.
(5) " تاريخ بغداد " 6 / 67. (6) " تاريخ بغداد " 6 / 67.
(7) " الجرح والتعديل " 2 / 98، و " طبقات الشافعية " للسبكي 2 / 75، وعقب السبكي على ذلك فقال: هذا غلو من أبي حاتم. وليس الكلام في الرأي موجبا للقدح، فلا التفات إلى قول أبي حاتم هذا... وأبو ثور أظهر أمرا من أن يحتاج إلى توثيق، وقد قدمنا كلام أحمد بن حنبل فيه، وكفى به شرفا. وقال أيضا في الصفحة التالية أنه جوز أن يكون قول أبي حاتم: " محل المسمعين " تصحيفا في الكتب، وأنه قال: " محل المتسعين "، أي: المكثرين، فإن أبا ثور لم يكن من المكثرين في الحديث إكثار غيره من الحفاظ، وقد رأيت اللفظة هكذا بخط بعض محدثي زماننا في الحكاية عن أبي حاتم. ولا شك أن الفقه كان أغلب عليه من الحديث.
وفي " تهذيب التهذيب " 1 / 119: محل المتسعين. أيضا. وجاء في " طبقات الشافعية " أيضا 2 / 75. وقال أبو عبد الله الحاكم: كان فقيه أهل بغداد ومفتيهم في عصره، وأحد أعيان المحدثين المتقنين. وقال أبو عمر بن عبد البر: كان حسن النظر، ثقة فيما يروي من الأثر، إلا أن له شذوذا فارق فيه الجمهور، وقد عدوه أحد الفقهاء. وجاء في " تهذيب التهذيب " 1 / 119: قال مسلمة بن قاسم الأندلسي: ثقة جليل فقيه.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»