فغشي على الغلام، فترك أبو حفص الحانوت، وأقبل على أمره.
وقيل: إن أبا حفص دخل على مريض، فقال المريض: آه، فقال أبو حفص: ممن؟ فسكت. فقال أبو حفص: مع من؟ قال: فكيف أقول؟ قال: لا يكن أنينك شكوى، ولا سكوتك تجلدا، ولكن بين ذلك.
وعن أبي حفص قال: حرست قلبي عشرين سنة، ثم حرسني عشرين سنة، ثم وردت علي وعليه حالة صرنا محروسين جميعا.
قيل لأبي حفص: من الولي؟ قال: من أيد بالكرامات، وغيب عنها.
قال الخلدي (1): سمعت الجنيد ذكر أبا حفص النيسابوري، فقال صاحب للحلاج: نعم يا أبا القاسم، كانت له حال إذا لبسته مكث اليومين والثلاثة، لا يمكن أحد أن ينظر إليه، فكانوا يدعونه حتى يزول ذلك عنه.
وبلغني أنه أنفد في يوم واحد بضعة عشر ألف دينار يفتك بها أسرى، فلما أمسى لم يكن له عشاء.
قال المرتعش: دخلت مع أبي حفص على مريض، فقال: ما تشتهي؟ قال: أن أبرأ. فقال لأصحابه: احملوا عنه. فقام معنا، وأصبحنا نعاد في الفرش.
قال السلمي: أبو حفص كان حدادا، وهو أول من أظهر طريقة التصوف بنيسابور.