سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٥١٥
وكثرت القتلى، فانهزم يعقوب، وجرح أمراؤه، وذهبت خزائنه، وغرق منهم خلق في نهر (1).
وقال أبو الساج (2) ليعقوب: ما رأيت منك (3) شيئا من تدبير الحرب، فكيف غلبت الناس؟ فإنك تركت ثقلك وأسراءك أمامك، وقصدت بلدا على جهل منك بأنهاره ومخائضه (4)، وأسرعت، وأحوال جندك مختلة؟ قال:
لم أظن أني محارب، ولم أشك في الظفر.
قال أبو الفرج الأصبهاني: لم تزل كتب يعقوب تصل إلى المعتمد بالمراوغة، ويقول: عرفت أن نهوض أمير المؤمنين ليشرفني ويتلقاني.
والمعتمد يبعث يحثه على الانصراف. فما نفع. ثم عبأ المعتمد جيوشه، وشقوا المياه على الطرق، فكان ذلك سبب كسرتهم، وتوهم الناس أن انهزامه مكيدة فما تبعوه، وخلص ابن طاهر، فجاء في قيده إلى بين يدي المعتمد، وكان بعض جيوش يعقوب نصارى، وكان المصاف في رجب سنة 262 فذهب يعقوب إلى واسط، ثم إلى تستر، فأخذها، وتراجع جيشه، وعظمت وطأته، وكاد أنه يملك الدنيا، ثم كان موته بالقولنج، ووصفت له حقنة، فأبى، وتلف بعد أسبوعين، وكان المعتمد قد بعث إليه رسولا يترضاه، ويتألفه، وكان العلوي صاحب جرجان يسميه: يعقوب السندان من ثباته. وقل أن رئي متبسما.
مات بجنديسابور في سنة خمس وستين ومئتين.
أخوه صاحب خرسان:

(١) راجع خبر الحرب بين الموفق والصفار في " الكامل " لابن الأثير ٧ / ٢٩٠.
(٢) " وفيات الأعيان " ٦ / ٤١٥. وفيه: وأبو الساج هو داود بن دوست الذي تنسب إليه الأجناد الساجية ببغداد. (٣) في " الوفيات ": معك.
(4) في " وفيات الأعيان " وقصدت بلدا على قلة المعرفة منك به وبمغايصه وأنهاره.
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»