أخبرني عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي، أخبرنا علي بن عبد السلام، أخبرنا الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، قال: حمل محمد في محنة القرآن إلى ابن أبي داود، ولم يجب إلى ما طلب منه، ورد إلى مصر، وانتهت إليه الرئاسة بمصر، يعني: في العلم. وذكر غيره أن ابن عبد الحكم ضرب، فهرب واختفى.
وقد نالته محنة أخرى صعبة مرت في " تاريخنا " الكبير في ترجمة أخيه عبد الحكم الرجل الصالح، قال أبو سعيد بن يونس: عذب عبد الحكم في السجن، ودخن عليه، فمات في سنة سبع وثلاثين ومئتين، لكونه اتهم بودائع لعلي بن الجروي.
وقال ابن أبي دليم: لم يكن في الاخوة أفقه من عبد الحكم.
وقيل: إن بني عبد الحكم، غرموا في نوبة ابن الجروي أكثر من ألف ألف دينار. استصفيت أموالهم، ونهبت منازلهم. ثم بعد مدة أطلقهم المتوكل، ورد إليهم البعض، وسجن القاضي الأصم الذي ظلمهم، وحلقت لحيته، وضرب، وطيف به على حمار.
قال أبو سعيد بن يونس في " تاريخه ": كان محمد هو المفتي بمصر في أيامه.
قلت: له تصانيف كثيرة، منها: كتاب في " الرد على الشافعي "، وكتاب " أحكام القرآن "، وكتاب " الرد على فقهاء العراق "، وغير ذلك.
وما زال العلماء قديما وحديثا يرد بعضهم على بعض في البحث وفي التواليف، وبمثل ذلك يتفقه العالم، وتتبرهن له المشكلات. ولكن في زماننا قد يعاقب الفقيه إذا اعتنى بذلك لسوء نيته، ولطلبه للظهور والتكثر،