سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٣١٣
كان أبي إذا أراد أن يقتل أحدا، أحضرنا، فأتي بشيخ مخضوب مقيد، فقال أبي: ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه، يعني: ابن أبي دواد، قال: فأدخل الشيخ، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: لاسلم الله عليك. فقال: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدبك مؤدبك، قال الله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) (النساء: 86). فقال ابن أبي دواد: الرجل متكلم.
قال له: كلمه، فقال: يا شيخ، ما تقول في القرآن؟ قال: لم ينصفني، ولي السؤال. قال: سل، قال: ما تقول في القرآن؟ قال: مخلوق. قال الشيخ: هذا شئ علمه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، والخلفاء الراشدون، أم شئ لم يعلموه؟ قال: شئ لم يعلموه. فقال: سبحان الله! شئ لم يعلمه النبي، صلى الله عليه وسلم، علمته أنت؟ فخجل. فقال: أقلني، قال: المسألة بحالها. قال: نعم علموه، فقال: علموه، ولم يدعوا الناس إليه، قال: نعم. قال: أفلا وسعك ما وسعهم؟ قال: فقام أبي، فدخل مجلسا، واستلقى، وهو يقول: شئ لم يعلمه النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت! سبحان الله! شئ علموه، ولم يدعوا الناس إليه، أفلا وسعك ما وسعهم؟! ثم أمر برفع قيوده، وأن يعطى أربع مئة دينار، ويؤذن له في الرجوع، وسقط من عينه ابن أبي دواد ولم يمتحن بعدها أحدا.
هذه قصة مليحة، وإن كان في طريقها من يجهل ولها شاهد.
وبإسنادنا إلى الخطيب: أخبرنا ابن رزقويه، أخبرنا أحمد بن سندي الحداد، أخبرنا أحمد بن الممتنع، أخبرنا صالح بن علي الهاشمي، قال:
حضرت المهتدي بالله، وجلس لينظر في أمور المظلومين، فنظرت في
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»