سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٤١
قال صالح بن أحمد: حمل أبي ومحمد بن نوح من بغداد مقيدين، فصرنا معهما إلى الأنبار. فسأل أبو بكر الأحول أبي: يا أبا عبد الله، إن عرضت على السيف، تجيب؟ قال: لا. ثم سيرا، فسمعت أبي يقول: صرنا إلى الرحبة (1)، ورحلنا منها في جوف الليل، فعرض لنا رجل، فقال: أيكم أحمد بن حنبل؟ فقيل له: هذا، فقال للجمال: على رسلك، ثم قال: يا هذا، ما عليك أن تقتل ها هنا، وتدخل الجنة؟ ثم قال: أستودعك الله، ومضى. فسألت عنه، فقيل لي: هذا رجل من العرب من ربيعة يعمل الشعر (2) في البادية، يقال له: جابر بن عامر، يذكر بخير.
أحمد بن أبي الحواري: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: قال أحمد بن حنبل: ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الامر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في رحبة طوق. قال: يا أحمد، إن يقتلك الحق، مت شهيدا، وإن عشت، عشت حميدا. فقوى قلبي.
قال صالح بن أحمد: قال أبي: فلما صرنا إلى أذنة (3)، ورحلنا منها في جوف الليل، وفتح لنا بابها، إذا رجل قد دخل. فقال:
البشرى! قد مات الرجل يعني: المأمون. قال أبي: وكنت أدعو الله أن لا أراه.
محمد بن إبراهيم البوشنجي: سمعت أحمد بن حنبل، يقول:
تبينت الإجابة في دعوتين: دعوت الله أن لا يجمع بيني وبين المأمون،

(1) وهي رحبة مالك بن طوق، تقع بين الرقة وبغداد، على شاطئ الفرات، تبعد عن بغداد مئة فرسخ، وعن الرقة نيفا وعشرين فرسخا.
(2) في الهامش ما نصه: في رواية حنبل: يعمل الصوف.
(3) بفتحات، وهي بلد مشهور من الثغور، قرب المصيصة.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»