قال صالح بن أحمد: حمل أبي ومحمد بن نوح من بغداد مقيدين، فصرنا معهما إلى الأنبار. فسأل أبو بكر الأحول أبي: يا أبا عبد الله، إن عرضت على السيف، تجيب؟ قال: لا. ثم سيرا، فسمعت أبي يقول: صرنا إلى الرحبة (1)، ورحلنا منها في جوف الليل، فعرض لنا رجل، فقال: أيكم أحمد بن حنبل؟ فقيل له: هذا، فقال للجمال: على رسلك، ثم قال: يا هذا، ما عليك أن تقتل ها هنا، وتدخل الجنة؟ ثم قال: أستودعك الله، ومضى. فسألت عنه، فقيل لي: هذا رجل من العرب من ربيعة يعمل الشعر (2) في البادية، يقال له: جابر بن عامر، يذكر بخير.
أحمد بن أبي الحواري: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: قال أحمد بن حنبل: ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الامر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في رحبة طوق. قال: يا أحمد، إن يقتلك الحق، مت شهيدا، وإن عشت، عشت حميدا. فقوى قلبي.
قال صالح بن أحمد: قال أبي: فلما صرنا إلى أذنة (3)، ورحلنا منها في جوف الليل، وفتح لنا بابها، إذا رجل قد دخل. فقال:
البشرى! قد مات الرجل يعني: المأمون. قال أبي: وكنت أدعو الله أن لا أراه.
محمد بن إبراهيم البوشنجي: سمعت أحمد بن حنبل، يقول:
تبينت الإجابة في دعوتين: دعوت الله أن لا يجمع بيني وبين المأمون،