جعلناه قرآنا عربيا) (الزخرف: 3) أفيكون مجعولا إلا مخلوقا؟ فقلت:
فقد قال تعالى: (فجعلهم كعصف مأكول) (الفيل: 5) أفخلقهم؟
قال: فسكت. فلما صرنا إلى الموضع المعروف بباب البستان، أخرجت، وجئ بدابة فأركبت وعلي الأقياد، ما معي من يمسكني، فكدت غير مرة أن أخر على وجهي لثقل القيود. فجئ بي إلى دار المعتصم، فأدخلت حجرة، ثم أدخلت بيتا، وأقفل الباب علي في جوف الليل ولا سراج. فأردت الوضوء، فمددت يدي، فإذا أنا بإناء فيه ماء، وطست موضوع، فتوضأت وصليت.
فلما كان من الغد، أخرجت تكتي، وشددت بها الأقياد أحملها، وعطفت سراويلي. فجاء رسول المعتصم، فقال: أجب فأخذ بيدي، وأدخلني عليه، والتكة في يدي، أحمل بها الأقياد، وإذا هو جالس، وأحمد بن أبي دواد حاضر، وقد جمع خلقا كثيرا من أصحابه. فقال لي المعتصم: ادنه ادنه. فلم يزل يدنيني حتى قربت منه. ثم قال:
اجلس، فجلست، وقد أثقلتني الأقياد، فمكثت قليلا، ثم قلت: أتأذن في الكلام؟ قال تكلم، فقلت: إلى ما (1) دعا الله ورسوله؟ فسكت هنية (2)، ثم قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فقلت: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله. ثم قلت: إن جدك ابن عباس يقول: لما قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سألوه عن الايمان، فقال: " أتدرون ما الايمان؟ " قالوا: الله