دار أحمد بن حنبل مرارا، وسألته عن مسائل، فقيل له: أكان أكثر حديثا أم إسحاق؟ قال: بل أحمد أكثر حديثا وأورع. أحمد فاق أهل زمانه.
قلت: كان أحمد عظيم الشأن، رأسا في الحديث، وفي الفقه، وفي التأله. أثنى عليه خلق من خصومه، فما الظن بإخوانه وأقرانه؟!! وكان مهيبا في ذات الله. حتى لقال أبو عبيد: ما هبت أحدا في مسألة، ما هبت أحمد بن حنبل.
وقال إبراهيم الحربي: عالم وقته سعيد بن المسيب في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه، وأحمد بن حنبل في زمانه.
قرأت على إسحاق الأسدي: أخبركم ابن خليل، أخبرنا اللبان، عن أبي علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا أبو بكر بن مالك، حدثنا محمد ابن يونس، حدثني سليمان الشاذكوني، قال: يشبه علي بن المديني بأحمد ابن حنبل؟ أيهات!! ما أشبه السك باللك (1). لقد حضرت من ورعه شيئا بمكة: أنه أرهن سطلا عند فامي (2)، فأخذ منه شيئا ليقوته. فجاء، فأعطاه فكاكه، فأخرج إليه سطلين، فقال: انظر أيهما سطلك؟ فقال: لا أدري أنت في حل منه، وما أعطيتك، ولم يأخذه. قال الفامي: والله إنه لسطله، وإنما أردت أن أمتحنه فيه.
وبه إلى أبي نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا الأبار: سمعت محمد بن يحيى النيسابوري، حين بلغه وفاة أحمد، يقول: ينبغي لكل أهل دار ببغداد أن يقيموا عليه النياحة في دورهم.