سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٥٨
الأزدي، سمعت أحمد بن حنبل، وسئل عن الشافعي، فقال: لقد من الله علينا به، لقد كنا تعلمنا كلام القوم، وكتبنا كتبهم، حتى قدم علينا، فلما سمعنا كلامه، علمنا أنه أعلم من غيره، وقد جالسناه الأيام والليالي، فما رأينا منه إلا كل خير، فقيل له: يا أبا عبد الله، كان يحيى وأبو عبيد لا يرضيانه - يشير إلى التشيع وأنهما نسباه إلى ذلك - فقال أحمد بن حنبل: ما ندري ما يقولان، والله ما رأينا منه إلا خيرا (1).
قلت: من زعم أن الشافعي يتشيع فهو مفتر، لا يدري ما يقول.
قد قال الزبير بن عبد الواحد الاستراباذي: أخبرنا حمزة بن علي الجوهري، حدثنا الربيع بن سليمان قال: حججنا مع الشافعي، فما ارتقى شرفا، ولا هبط واديا، إلا وهو يبكي، وينشد:
يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد خيفنا والناهض سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي (2)

(1) وللخبر تتمة غاية في النفاسة عند البيهقي، وهي: ثم قال أحمد لمن حوله: اعلموا رحمكم الله تعالى أن الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئا من العلم، وحرمه قرناؤه وأشكاله، حسدوه فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم.
(2) " مناقب " البيهقي 2 / 71، و " مناقب " الرازي: 51، و " تاريخ ابن عساكر " 14 / 407، و " طبقات الشافعية " للسبكي 1 / 299، و " الانتقاء ": 90، 91، و " معجم الأدباء " 17 / 320، و " عيون التواريخ " 7 / 180.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»