سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٥٥
قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: وددت أن كل علم أعلمه تعلمه الناس أوجر عليه ولا يحمدوني (1).
قال محمد بن مسلم بن وارة: سألت أحمد بن حنبل: ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين، أهي أحب إليك، أو التي بمصر؟ قال: عليك بالكتب التي عملها بمصر، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكم تلك. وقلت لأحمد: ما ترى لي من الكتب أن أنظر فيه، رأي مالك، أو الثوري، أو الأوزاعي؟ فقال لي قولا أجلهم أن أذكره، وقال: عليك بالشافعي، فإنه أكثرهم صوابا وأتبعهم للآثار (2).
قال عبد الله بن ناجية الحافظ: سمعت ابن وارة يقول: قدمت من مصر، فأتيت أحمد بن حنبل، فقال لي: كتب الشافعي؟ قلت: لا، قال: فرطت، ما عرفنا العموم من الخصوص، وناسخ الحديث من منسوخه، حتى جالسنا الشافعي، قال: فحملني ذلك على الرجوع إلى مصر، فكتبتها (3).
تفرد بهذه الحكاية عن ابن ناجية عبد الله بن محمد الرازي الصوفي،

(1) " آداب الشافعي ": 92، و " حلية الأولياء " 9 / 119، و " تهذيب الأسماء واللغات " 1 / 540، و " توالي التأسيس ": 62، و " البداية " 10 / 253.
(2) " آداب الشافعي ": 60، و " الحلية " 9 / 97، و " مناقب " البيهقي 1 / 263، و " الانتقاء ": 76. ففي هذا الخبر يرى أحمد أن ينظر في كتب الشافعي، ويكتب رأيه، بينما يصرح بخلاف ذلك في جواب سؤال وجهه إليه تلميذه أبو بكر المروذي، فقد جاء في " طبقات أبي يعلى " 1 / 57: قلت لأبي عبد الله: أترى يكتب الرجل كتب الشافعي؟ قال:
لا، قلت: أترى أن يكتب الرسالة؟ قال: لا تسألني عن شئ محدث، قلت: كتبتها؟
قال: معاذ الله. وقال أحمد: لا تكتب كلام مالك، ولا سفيان، ولا الشافعي، ولا إسحاق ابن راهويه، ولا أبي عبيد.
(3) " مناقب " البيهقي 1 / 262، و " معجم الأدباء " 17 / 312.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»