سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٤٦٧
الجعد، فنظر إليه كالمغضب، ثم استخلاه، فقال: يا شيخ، ما منعك أن تقوم؟ قال: أجللت أمير المؤمنين للحديث الذي نأثره عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وما هو؟ قال: سمعت مبارك بن فضالة، سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يتمثل له الرجال قياما، فليتبوأ مقعدة من النار " (1) فأطرق المأمون، ثم رفع رأسه، فقال: لا يشترى إلا من هذا، فاشتروا منه يومئذ بثلاثين ألف دينار.
قال البغوي: توفي لست بقين من رجب سنة ثلاثين ومئتين، وقد استكمل ستا وتسعين سنة (2).
أخبرنا أبو بكر بن خطيب بيت الآبار (3)، وعدة، قالوا: أخبرنا ابن اللتي، حدثنا أبو الوقت، أخبرنا أبو عاصم، أخبرنا ابن أبي شريح، أخبرنا البغوي، أخبرنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن ابن المنكدر،

(١) الخبر في " تاريخ بغداد " ١١ / ٣٦١، و " تهذيب الكمال " لوحة ٩٦٠، والحديث مرسل، لكنه ثبت من وجه آخر، فقد أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (977)، وأحمد 4 / 93 و 100، وأبو داود (5229)، والترمذي (2753)، والطحاوي في " مشكل الآثار " 2 / 40، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان "، والبغوي في حديث علي بن الجعد 7 / 69 / 2، من طرق، عن حبيب ابن الشهيد، عن أبي مجلز لاحق بن حميد، عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " وإسناده صحيح كما قال الحافظ المنذري. قال المناوي في تفسيره: أن يلزمهم بالقيام صفوفا على طريق الكبر والتجوه، أو بأن يقام على رأسه وهو جالس. وقال ابن الأثير في " جامع الأصول " 6 / 537: مثل الناس للأمير قياما: إذا قاموا بين يديه وعن جانبيه وهو جالس، نهي عنه، لان الباعث عليه الكبر وإذلال الناس.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 366، و " تهذيب الكمال " لوحة 960.
(3) بيت الآبار - جمع بئر -: قرية يضاف إليها كورة من غوطة دمشق فيها عدة قرى. وأبو بكر هذا هو أبو بكر بن عبد الله بن عمر بن يوسف بن يحيى الشيخ محيي الدين ابن الخطيب نجيب الدين المقدسي ثم الآباري المؤذن، ولد سنة أربع وعشرين وست مئة، وسمع أباه وعمه، وحدث عن زينب بنت عبد الرزاق، وابن اللتي، والأربلي، مات في شعبان سنة تسع وتسعين وست مئة.
" مشيخة المؤلف " الورقة 185 / 2.
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»