سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٣٠٠
وأدع ما سواه، مثل كتاب " كليلة ودمنة ".
فقال ابن الزيات للموبذ: ما تقول؟ قال: إنه يأكل المخنوقة، ويحملني على أكلها، ويقول: لحمها أرطب. وقال لي: إني دخلت لهؤلاء في كل ما أكره حتى أكلت الزيت، وركبت الجمل، ولبست النعل، غير أني ما حلقت عانتي قط، ولم يختتن - وكان الموبذ مجوسيا، وأسلم بعد - قال الأفشين: خبروني عن هذا المتكلم، أثقة هو في دينه؟ قالوا: لا. قال: فكيف تصدقونه؟ فقام المرزبان، فقال: يا أفشين، كيف يكتب إليك أهل مملكتك؟ قال: كما يكتبون إلى آبائي:
إلى الاله من عبده. قال ابن أبي دواد: فما أبقيت لفرعون؟ قال: خفت فسادهم بتغيير العادة.
قال له إسحاق بن إبراهيم المصعبي: كيف تحلف فنصدقك، وأنت تدعي ما يدعي فرعون؟ قال: يا إسحاق، هذه سورة قرأها عجيف على علي بن هشام، وأنت تقرؤها علي، فانظر من يقرؤها عليك.
ثم تقدم مازيار، فقيل: أتعرفه؟ قال: نعم. قالوا: هل كاتبته؟
قال: لا. فقالوا للمازيار: أكتب إليك؟ قال: كتب إلي أخوه على لسانه: إنه لم يكن ينصر هذا الدين الأبيض غيري وغيرك وغير بابك، فأما بابك، فبحمقه قتل نفسه، فإن خالفت، لم يكن للخليفة من يرى لقتالك غيري، ومعي الفرسان وأهل النجدة والبأس، فإن وجهت إليك، لم يبق أحد يحاربنا إلا العرب والمغاربة والأتراك، فأما العربي، فمنزلته ككلب أطرح له كسرة، ثم أضرب رأسه بالدبوس، وهؤلاء الذئاب - يعني المغاربة - فأكلة رأس، وأما التركي، فإنما هي ساعة، وتنفد سهامهم، ثم تجول عليهم الخيل جولة، ويعود الدين إلى ما كان.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»