طرق يعرفها، لا تسلك (1). وكان الأفشين قد رتب الكمناء في المضايق، فنجا بابك، ولجأ إلى جبال أرمينية، فلقيه سهل البطريق، فقال: الطلب وراءك، فأنزل عندي، فنزل، وركن إليه، فبعث البطريق إلى الأفشين بذلك، فجاء فرسان، فأحاطوا به وأخذوه، وكان المعتصم قد جعل لمن جاء به حيا ألفي ألف درهم، ولمن جاء برأسه ألف ألف، فأعطي البطريق ألف ألف، وأطلق له خراجه عشرين سنة (2).
وقال المسعودي: هرب بابك بأخيه وأهله وخواصه في زي التجار، فنزل بأرض أرمينية بعمل سهل بن سنباط، فابتاعوا شاة من راع، فنكرهم، فأتى سهلا، فأعلمه، فقال: هذا بابك بلا شك، فركب في أجناده حتى أتى بابك، فترجل وسلم عليه بالملك، وقال: قم إلى قصرك، فأنا عبدك، فمضى معه، ومد السماط له، وأكل معه، فقال بابك: أمثلك يأكل معي! فوقف واعتذر، ثم أحضر حدادا ليقيده، فقال: أغدرا يا سهل؟! قال: يا ابن الفاعلة، إنما أنت راعي بقر، ثم قيد أتباعه، وكاتب الأفشين، فجهز أربعة آلاف، فتسلموه، وجاء سهل، فخلع عليه الأفشين، وبعثت بطاقة بذلك إلى بغداد، فضج الناس بالتكبير والشكر لله، ثم قدموا ببابك في صفر سنة ثلاث (3).
وكان المعتصم يبعث كل يوم بخلعة وفرس للأفشين، ومن سروره بذلك رتب البريد منه إلى الأفشين، فكان يجيئه الخبر في أربعة أيام وذلك