سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ١٩٩
فقال له عبد الرحمن: بلغني أنك تخاصم في الدين. فقال: يا أبا سعيد، إنا نضع عليهم لنحاجهم بها. فقال: أتدفع الباطل بالباطل، إنما تدفع كلاما بكلام، قم عني، والله لا بعتك جاريتي أبدا.
قال ابن المديني: قال عبد الرحمن: اترك من كان رأسا في بدعة يدعو إليها (1).
وقال ابن المديني: دخلت على امرأة عبد الرحمن بن مهدي، وكنت أزورها بعد موته، فرأيت سوادا في القبلة، فقلت: ما هذا؟
قالت: موضع استراحة عبد الرحمن، كان يصلي بالليل، فإذا غلبه النوم، وضع جبهته عليه.
ويروى عن ابن مهدي قال: من طلب العربية، فآخره مؤدب، ومن طلب الشعر، فآخره شاعر، يهجو أو يمدح بالباطل، ومن طلب الكلام، فآخر أمره الزندقة، ومن طلب الحديث، فإن قام به، كان إماما، وإن فرط، ثم أناب يوما، يرجع إليه، وقد عتقت وجادت.
قال يحيى بن يحيى: كنت أسأل عبد الرحمن عن المشايخ بالبصرة.
ونقل غير واحد عن عبد الرحمن بن مهدي قال: إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى، وأن يكون [استوى] على العرش،

(1) يعني رفض حديثه، وعدم الاحتجاج بروايته ولو كان ثقة حافظا إذا كان مبتدعا يدعو إلى بدعته، والمعتمد: أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه، وأما من لم يكن كذلك، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه، فلا مانع من قبول روايته مطلقا، سواء كان داعية إلى بدعته أو لم يكن داعيا إليها.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»