سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٩٢
ببخارى، وسمرقند، لصعب عليه، فلا يجئ منه حنبلي، ولا من المغربي حنفي، ولا من الهندي مالكي. وبكل حال: فإلى فقه مالك المنتهى.
فعامة آرائه مسددة، ولو لم يكن له إلا حسم مادة الحيل، ومراعاة المقاصد، لكفاه.
ومذهبه قد ملا المغرب، والأندلس، وكثيرا من بلاد مصر، وبعض الشام، واليمن، والسودان، وبالبصرة، وبغداد، والكوفة، وبعض خراسان.
وكذلك اشتهر مذهب الأوزاعي مدة، وتلاشى أصحابه، وتفانوا.
وكذلك مذهب سفيان وغيره ممن سمينا، ولم يبق اليوم إلا هذه المذاهب الأربعة. وقل من ينهض بمعرفتها كما ينبغي، فضلا عن أن يكون مجتهدا.
وانقطع أتباع أبي ثور بعد الثلاث مئة، وأصحاب داود إلا القليل، وبقي مذهب ابن جرير إلى [ما] بعد الأربع مئة.
وللزيدية مذهب في الفروع بالحجاز وباليمن، لكنه معدود في أقوال أهل البدع، كالامامية، ولا بأس بمذهب داود، وفيه أقوال حسنة، ومتابعة للنصوص، مع أن جماعة من العلماء لا يعتدون بخلافة، وله شذوذ في مسائل شانت مذهبه.
وأما القاضي، فذكر ما يدل على جواز تقليدهم إجماعا، فإنه سمى المذاهب الأربعة، والسفيانية، والأوزاعية، والداوودية. ثم إنه قال:
فهؤلاء الذين وقع إجماع الناس على تقليدهم، مع الاختلاف في أعيانهم، واتفاق العلماء على اتباعهم، والاقتداء بمذاهبهم، ودرس كتبهم، والتفقه على مآخذهم، والتفريع على أصولهم، دون غيرهم ممن تقدمهم أو عاصرهم، للعلل التي ذكرناها.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»