سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٨١
كتفه، وارتكب منه أمر عظيم، فوالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو.
قلت: هذا ثمرة المحنة المحمودة، أنها ترفع العبد عند المؤمنين، وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا، ويعفو الله عن كثير، " ومن يرد الله به خيرا يصب منه " (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كل قضاء المؤمن خير له " (2) وقال الله تعالى: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) [محمد:
31]، وأنزل تعالى في وقعة أحد قوله: (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم) [آل عمران: 165].
وقال: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) [الشورى: 30]. فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ، واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه، فالله حكم مقسط، ثم يحمد الله على سلامة دينه، ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له.
قال القاضي عياض: ألف في مناقب مالك رحمه الله جماعة منهم القاضي أبو عبد الله التستري (3) المالكي، له في ذلك ثلاث مجلدات، وأبو الحسن بن فهر المصري (4) وجعفر بن محمد الفريابي القاضي، وأبو بشر الدولابي الحافظ، والزبير بن بكار، وأبو علاثة محمد بن أبي غسان،

(1) أخرجه البخاري 10 / 94 في أول كتاب المرضى من حديث أبي هريرة، وأكثر العلماء ضبطوا الصاد بالكسر، والفاعل هو الله، قال أبو عبيد الهروي: معناه: يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها.
(2) قطعة من حديث أخرجه أحمد في " مسنده " 5 / 24 من حديث أنس بن مالك، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له شيئا إلا كان خيرا له " وسنده جيد.
(3) هو محمد بن أحمد بن عمر التستري المتوفى سنة خمس وأربعين وثلاث مئة، مترجم في " الديباج المذهب " 2 / 193، 194.
(4) هو علي بن الحسين بن محمد بن العباس فقيه مالكي مترجم في " الديباج المذهب " 2 / 104.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»