سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤٧٠
عيينة سنة سبع وتسعين يقول: عاصم، عن زر، قال: أتيت صفوان بن عسال، فقال: ما جاء بك؟ قلت: جئت ابتغاء العلم، قال: فإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضي بما يطلب. قلت: حك في نفسي أو صدري مسح على الخفين بعد الغائط والبول، فهل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا؟ قال: نعم. كان يأمرنا إذا كنا سفرا، أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا، ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط أو بول أو نوم (1).
قلت: هل سمعته يذكر الهوى؟ قال: نعم: بينا نحن معه صلى الله عليه وسلم في مسير، إذ ناداه أعرابي بصوت له جهوري، فقال: يا محمد، فأجابه على نحو من كلامه: هاؤم. قال: أرأيت رجلا أحب قوما ولما يحلق بهم؟
قال: " المرء مع من أحب ". ثم أنشأ يحدثنا: أن من قبل المغرب بابا يفتح الله للتوبة مسيرة عرضه أربعون سنة، فلا يزال مفتوحا حتى تطلع الشمس من قبله. وذلك قوله تعالى: [يوم يأتي بعض آيات ربك..] الآية (2) [الانعام: 158].
وبه، قال ابن عاصم: سمعت من ابن عيينة، وأنا محرم لبعض النساء، ومن حج بعدي لم يره، مات سنة ثمان وتسعين ومئة.

(1) قال الخطابي: كلمة (لكن) هنا موضوعة للاستدراك: وذلك لأنه تقدمه نفي واستثناء، وهو قوله: " كان يأمرنا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ". ثم قال:
" لكن من بول وغائط ونوم "، فاستدرك ب‍ (لكن) ليعلم أن الرخصة جاءت في هذا النوع من الاحداث دون الجنابة، فإن المسافر الماسح على خفه إذا أجنب كان عليه نزع الخف وغسل الرجل مع سائر البدن، وهذا كما تقول: ما جاءني زيد لكن عمرو، وما رأيت زيدا لكن خالدا.
(2) إسناده حسن، وأخرجه الترمذي بطوله (3535) و (3536)، وقال: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (79) و (179) و (2507) وفي الأصل: مسيرة عرضه أربعين، وهو خطأ.
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»