سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤٦٣
قال أحمد بن سلمة النيسابوري: حدثنا سليمان بن مطر، قال: كنا على باب سفيان بن عيينة، فاستأذنا عليه، فلم يأذن لنا، فقلنا: ادخلوا حتى نهجم عليه، قال: فكسرنا بابه، ودخلنا وهو جالس، فنظر إلينا، فقال: سبحان الله، دخلتم داري بغير إذني، وقد حدثنا الزهري عن سهل ابن سعد أن رجلا اطلع في جحر، من باب النبي صلى الله عليه وسلم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه، فقال: " لو علمت أنك تنظرني، لطعنت بها في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل النظر " (1).
قال: فقلنا له: ندمنا يا أبا محمد. فقال: ندمتم؟ حدثنا عبد الكريم الجزري عن زياد، عن عبد الله بن معقل، عن عبد الله بن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الندم توبة " (2). اخرجوا فقد أخذتم رأس مال ابن عيينة.
سليمان هذا هو أخو قتادة بن مطر، صدوق إن شاء الله. وزياد المذكور في الحديث هو ابن أبي مريم.
قال محمد بن يوسف الفريابي: كنت أمشي مع ابن عيينة، فقال لي:
يا محمد، ما يزهدني فيك إلا طلب الحديث. قلت: فأنت يا أبا محمد، أي شئ كنت تعمل إلا طلب الحديث؟ فقال: كنت إذ ذاك صبيا لا أعقل.
قلت: إذا [كان] مثل هذا الامام يقول هذه المقالة في زمن

(1) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (19431) والبخاري: 12 / 215 في الديات:
باب من اطلع في بيت قوم ففقؤوا عينه. وفي اللباس: باب الامتشاط، وفي الاستئذان: باب الاستئذان من أجل البصر، ومسلم (2156 في الآداب: باب تحريم النظر في بيت غيره، والحميدي (924) عن سفيان وغيره، عن الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي أن رجلا اطلع على النبي صلى الله عليه وسلم من ستر الحجرة، وفي يد النبي مدرى، فقال: " لو أعلم أن هذا ينظرني حتى آتيه لطعنت بالمدرى في عينه، وهل جعل الاستئذان إلا من أجل البصر ".
(2) أخرجه أحمد 1 / 376 و 423 و 433، وابن ماجة (4252).
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»