سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٢٩
رواه بنحوه ابن وهب عن حياة بن شريح عن يزيد.
قرأت على أبي الفضل بن تاج الامناء، عن عبد المعز بن محمد البزاز، أن محمد بن إسماعيل الهروي أخبره، قال: أخبرنا محلم بن إسماعيل الضبي، أخبرنا أبو سعيد الخليل بن أحمد القاضي، حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد (1) الثقفي، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن رجل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقول: " من أظلم ممن صور صورتي أو شبه بها فليخلقوا حبة أو ذرة ". هذا حديث غريب جدا (2)، وفيه رجل مجهول أيضا.
وبه قال قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها عليكم قبورا، كما اتخذت اليهود والنصارى في بيوتهم قبورا، وإن البيت ليتلى فيه القرآن فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض ".
هذا حديث نظيف الاسناد، حسن المتن، فيه النهي عن الدفن في البيوت (3)، وله شاهد من طريق آخر، وقد نهى عليه السلام أن يبنى على

(١) في الأصل: " سعد " وهو تصحيف.
(٢) لكن في الباب عند أحمد ٢ / ٣٩١ من حديث ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو قال:
سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: " ومن أظلم ممن أراد أن يخلق مثل خلقي، فليخلق حبة أو ذرة "، وأخرجه البخاري ١٠ / ٣٢٤ في اللباس: باب نقض الصور، و ١٣ / ٤٤٦ في التوحيد: باب قول الله تعالى:
(والله خلقكم وما تعملون)، ومسلم (٢١١١) في اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، وأحمد ٢ / ٣٢٣ من طريق محمد بن الفضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة، سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرا ".
(٣) وأخرج البخاري ١ / ٤٤١ في الصلاة: باب كراهية الصلاة في المقابر، و ٣ / ٥١ في التطوع: باب التطوع في البيت، ومسلم (٧٧٧) في صلاة المسافرين: باب استحباب صلاة النافلة في بيته، من حديث عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا "، وقال الحافظ في " الفتح " ١ / ٤٤٢ بعد إيراده حديث " ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يجب أن يدفن فيه " وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده: وإذا حمل دفنه صلى الله عليه وسلم في بيته على الاختصاص لم يبعد نهي غيره عن ذلك، بل هو متجه، لان استمرار الدفن في البيوت ربما صيرها مقابر، فتصير الصلاة فيها مكروهة ولفظ حديث أبي هريرة عند مسلم أصرح من حديث الباب، وهو قوله: " لا تجعلوا بيوتكم مقابر " فإن ظاهره يقتضي النهي عن الدفن في البيوت مطلقا، والله أعلم.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»