سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤٠
وقال أبو نعيم: كنت أمر على زفر، فيقول: تعال حتى أغربل لك ما سمعت.
قال أبو عاصم النبيل: قال زفر: من قعد قبل وقته، ذل قال أبو نعيم: كنت أعرض الأحاديث على زفر، فيقول: هذا ناسخ، هذا منسوخ، هذا يؤخذ به، هذا يرفض.
قلت: كان هذا الامام منصفا في البحث متبعا.
قال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال:
لقيت زفر رحمه الله، فقلت له: صرتم حديثا في الناس وضحكة (1).
قال: وما ذاك؟ قلت: تقولون: " ادرؤوا الحدود بالشبهات " (2)، ثم

(1) الضحكة: بضم الضاد وسكون الحاء: الشئ الذي يضحك منه.
(2) روي من حديث عائشة، ومن حديث علي، ومن حديث أبي هريرة، أما حديث عائشة فأخرجه الترمذي (1424) في الحدود: باب ما جاء في درء الحدود بلفظ " ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الامام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة " وقال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث محمد بن ربيعة، عن يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري، ويزيد بن زياد ضعيف في الحديث، ورواه وكيع عن يزيد بن زياد ولم يرفعه وهو أصح، ثم أخرجه عن وكيع، عن يزيد به موقوفا، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 4 / 384، وقال: صحيح الاسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه الامام الذهبي، فقال: يزيد بن زياد، قال النسائي فيه: متروك.
وأما حديث علي، فأخرجه الدارقطني ص 324، وفي سنده مختار التمار وهو ضعيف.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن ماجة (2545)، وأبو يعلى من حديث وكيع، حدثني إبراهيم بن الفضل المخزومي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادرؤوا الحدود ما استطعتم " وإبراهيم بن الفضل المخزومي ضعفه أحمد، وابن معين، والبخاري، وغيرهم.
وأخرجه ابن عدي في " جزء له " عن ابن عباس مرفوعا بلفظ " ادرؤوا الحدود بالشبهات، وأقيلوا الكرام عثراتهم إلا في حد من حدود الله " وفيه ابن لهيعة، وروى صدره أبو مسلم الكجي، وابن السمعاني في " الذيل " عن عمر بن عبد العزيز مرسلا ومسدد في " مسنده " عن ابن مسعود موقوفا.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»