سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٢٣
قال أبو حاتم بن حبان البستي: كان من أصحابنا يقولون: سماع من سمع من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه مثل العبادلة: ابن المبارك، وابن وهب، والمقرئ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، فسماعهم صحيح. ومن سمع بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشئ. وكان ابن لهيعة من الكتابين للحديث، والجماعين للعلم، والرحالين فيه. ولقد حدثني شكر (1)، حدثنا يوسف بن مسلم، عن بشر بن المنذر، قال: كان ابن لهيعة يكنى أبا خريطة. كانت له خريطة معلقة في عنقه، فكان يدور بمصر، فكلما قدم قوم كان يدور عليهم، فكان إذا رأى شيخا سأله: من لقيت؟ وعمن كتبت؟
فإن وجد عنده شيئا كتب عنه، فلذلك كان يكنى أبا خريطة (2).
قال ابن حبان: قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودا، وما لا أصل له في رواية المتقدمين كثيرا، فرجعت إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عنه أقوام ضعفي، على أقوام رآهم هو ثقات، فألزق تلك الموضوعات به (3).

(1) هو الحافظ الثقة الرحال أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر الهروي، المتوفى سنة 303 ه‍، مترجم في " تذكرة الحفاظ " ص 748، 749.
(2) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 11، 12.
(3) كتاب " المجروحين والضعفاء " 2 / 12، والتدليس: أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه سمعه منه.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»