سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ١٥٣
الحارث. وأخذت منه القنداق ثم صرت إلى المنزل، فلما صليت، أوقدت السراج، وكتبت: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قلت: فلان بن فلان. ثم بدرتني نفسي، فقلت: فلان بن فلان. قال: فبينا أنا على ذلك إذ أتاني آت، فقال: ها الله يا سعيد، تأتي إلى قوم عاملوا الله سرا، فتكشفهم لآدمي؟! مات الليث، ومات شعيب، أليس مرجعهم إلى الله الذي (1) عاملوه؟ فقمت ولم أكتب شيئا، فلما أصبحت، أتيت الليث، فتهلل وجهه، فناولته القنداق، فنشره، فما رأى فيه غير: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال: ما الخبر؟ فأخبرته بصدق عما كان، فصاح صيحة، فاجتمع عليه الناس من الحلق، فسألوه فقال: ليس إلا خير، ثم أقبل علي، فقال: يا سعيد، تبينتها وحرمتها، صدقت. مات الليث أليس مرجعهم إلى الله (2).
قال مقدام بن داود: رأيت سعيد الآدم، وكان يقال: إنه من الابدال.
قال أبو صالح: كان الليث يقرأ بالعراق من فوق عليه (3) على أصحاب الحديث، والكتاب بيدي، فإذا فرغ، رميت به إليهم، فنسخوه.
روى عبد الملك بن شعيب، عن أبيه، قال: قيل لليث: أمتع الله بك، إنا نسمع منك الحديث ليس في كتبك، فقال: أو كل ما في صدري في كتبي؟ لو كتبت ما في صدري، ما وسعه هذا المركب. ورواها الحافظ بن يونس، حدثنا أحمد بن محمد بن الحارث، حدثنا محمد بن عبد الملك، عن أبيه.

(1) في الأصل: الذين.
(2) " تاريخ بغداد " 13 / 11، 12، و " تهذيب الكمال " 1153.
(3) بضم العين وكسرها. الغرفة.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»