سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ١٤
ولما مات ابن لهيعة قال الليث: ما خلف مثله.
لا ريب أن ابن لهيعة كان عالم الديار المصرية، هو والليث معا، كما كان الامام مالك في ذلك العصر عالم المدينة، والأوزاعي عالم الشام، ومعمر عالم اليمن، وشعبة والثوري عالما العراق، وإبراهيم بن طهمان عالم خراسان، ولكن ابن لهيعة تهاون بالاتقان، وروى مناكير، فانحط عن رتبة الاحتجاج به عندهم.
وبعض الحفاظ يروي حديثه، ويذكره في الشواهد، والاعتبارات، والزهد والملاحم (1)، لا في الأصول (2).
وبعضهم يبالغ في وهنه، ولا ينبغي إهداره، وتتجنب تلك المناكير، فإنه عدل في نفسه.
وقد ولي قضاء الإقليم في دولة المنصور دون السنة، وصرف.
أعرض أصحاب الصحاح عن رواياته، وأخرج له أبو داود، والترمذي، والقزويني. وما رواه عنه ابن وهب، والمقرئ، والقدماء، فهو أجود (3).

(1) الشواهد: أحاديث رويت بمعناها من طريق آخر، عن صحابي آخر، يقال: روى الحديث الفلاني، وله شاهد من رواية فلان. والاعتبارات: أن يعمد الباحث إلى حديث، فيعنى به، ويبحث عن طرقه، فينظر: هل رواه راو آخر بلفظه أو معناه، والملاحم: الأحاديث التي رويت في المغازي.
(2) قال الحافظ ابن كثير في " الباعث الحثيث " 63، 64: ويغتفر في باب " الشواهد والمتابعات " من الرواية عن الضعيف القريب الضعف ما لا يغتفر في الأصول كما يقع في " الصحيحين " وغيرهما مثل ذلك، ولهذا يقول الدارقطني في بعض الضعفاء: يصلح للاعتبار، أو لا يصلح أن يعتبر به.
(3) وقال عبد الغني بن سعيد الأزدي: إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة، فهو صحيح: عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن يزيد المقرئ.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»