سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٨٩
أبي مسلم صاحب الدولة، وقال: لا أبالي أيهما أصيب. فانهزم عمه، وتلاشى أمره، ثم فسد ما بينه وبين أبي مسلم، فلم يزل يتحيل عليه، حتى استأصله وتمكن (1).
ثم خرج عليه ابنا عبد الله بن حسن (2)، وكاد أن تزول دولته، واستعد للهرب، ثم قتلا في أربعين يوما، وألقى عصاه، واستقر.
وكان حاكما على ممالك الاسلام بأسرها، سوى جزيرة الأندلس.
وكان ينظر في حقير المال ويثمره، ويجتهد بحيث إنه خلف في بيوت الأموال من النقدين أربعة عشر ألف ألف دينار، فيما قيل، وستمائة ألف ألف درهم، وكان كثيرا ما يتشبه بالثلاثة في سياسته وحزمه، وهم: معاوية، وعبد الملك، وهشام.
وقيل: إنه أحس شغبا عند قتله أبا مسلم، فخرج بعد أن فرق الأموال، وشغلهم برأسه، فصعد المنبر، وقال: أيها الناس، لا تخرجوا من أنس الطاعة، إلى وحشة المعصية، ولا تسروا غش الأئمة، يظهر الله ذلك على فلتات الألسنة، وسقطات الافعال، فإن من نازعنا عروة قميص الإمامة، أوطأناه ما في هذا الغمد، وإن أبا مسلم بايعنا على أنه إن نكث بيعتنا، فقد أباح دمه لنا، ثم نكث، فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره، ولم يمنعنا رعاية حقه من إقامة الحق عليه، فلا تمشوا في ظلمة الباطل، بعد سعيكم في ضياء الحق، ولو علم بحقيقة حال أبي مسلم، لعنفنا على إمهاله من أنكر منا قتله والسلام.

(1) انظر الطبري: 7 / 479 - 494، حوادث سنة (137 ه‍).
(2) انظر: ص 21، حا: 1.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»