سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ١٤٢
فلم يزالوا به حتى قبل منهم، فأعطوه ألف دينار - يعني الدولة - فلما رجع، مات بالكوفة - رحمه الله -. نقل هذا كله ابن سعد في " الطبقات " عن الواقدي، والواقدي - وإن كان لا نزاع في ضعفه - فهو صادق اللسان، كبير القدر.
وفي " مسند " الشافعي سماعنا، أخبرني أبو حنيفة بن سماك، حدثني ابن أبي ذئب، عن المقبري عن أبي شريح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إن أحب أخذ العقل، وإن أحب فله القود " (1).
قلت لابن أبي ذئب: أتأخذ بهذا؟ فضرب صدري، وصاح كثيرا، ونال مني، وقال: أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول: تأخذ به: نعم آخذ به، وذلك الفرض علي، وعلى كل من سمعه. إن الله اختار محمدا - صلى الله عليه وسلم - من الناس فهداهم به، وعلى يديه، فعلى الخلق أن يتبعوه طائعين أو داخرين، لا مخرج لمسلم من ذلك.
قال أحمد بن حنبل: بلغ ابن أبي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث " البيعان بالخيار " (2) فقال: يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه. ثم قال أحمد: هو أورع وأقول بالحق من مالك.
قلت: لو كان ورعا كما ينبغي، لما قال هذا الكلام القبيح في حق إمام

(1) مسند الشافعي: 2 / 249. وأخرجه أبو داود: (4504)، والترمذي: (1406)، من طريق يحيى بن سعيد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي شريح، وإسناده صحيح وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه البخاري: 1 / 182، ومسلم: (1355)، والترمذي:
(1405)، وأبو داود: (4505)، والنسائي: 8 / 38، بلفظ: " ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين:
إما أن يودى، وإما أن يقاد ".
(2) أخرجه مالك في " الموطأ ": 2 / 671، في البيوع: باب بيع الخيار، والبخاري:
4 / 276، في البيوع: باب البيعان في الخيار ما لم يتفرقا، ومسلم: (1531)، في البيوع: باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، من طريق نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
" المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا ".
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»