سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ١٣٧
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: عكرمة بن عمار ثقة عندهم، روى عنه ابن مهدي: ما سمعت فيه إلا خيرا.
وقال صالح بن محمد: كان ينفرد بأحاديث طوال لم يشركه فيها أحد.
وقدم البصرة، فاجتمع إليه الناس فقال: ألا أراني فقيها وأنا لا أشعر! قال:
وعكرمة صدوق، إلا أن في حديثه شيئا، روى عنه الناس.
وقال إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري الحافظ: عكرمة بن عمار ثقة، روى عنه سفيان الثوري، وذكره بالفضل، وكان كثير الغلط، ينفرد عن أناس بأشياء لا يشاركه فيها أحد.
وقال ابن خراش: كان صدوقا، وفي حديثه نكرة.
وقال الامام الدارقطني: ثقة.
وقال ابن عدي: مستقيم الحديث إذا روى عنه ثقة. وقال عاصم بن علي: كان مستجاب الدعوة.
قلت: استشهد به البخاري، ولم يحتج به، واحتج به مسلم يسيرا، وأكثر له من الشواهد.
قال الحاكم أبو عبد الله: أكثر مسلم الاستشهاد بعكرمة بن عمار.
قلت: قد ساق له مسلم في الأصول حديثا منكرا، وهو الذي يرويه عن سماك الحنفي، عن ابن عباس، في الأمور الثلاثة التي التمسها أبو سفيان، من النبي - صلى الله عليه وسلم (1) -.

(١) ونصه كما في " صحيح " مسلم (٢٥٠١)، في فضائل الصحابة باب من فضائل أبي سفيان، من طريق عكرمة بن عمار، عن أبي زميل، عن ابن عباس، قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان، ولا يقاعدونه، فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا نبي الله! ثلاث أعطنيهن؟ قال:
" نعم ". قال: عندي أحسن العرب وأجمله، أم حبيبة بنت أبي سفيان، أزوجكها؟ قال: " نعم ".
قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك؟ قال: " نعم ". قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين؟ قال: " نعم ".
قال أبو زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاه ذلك، لأنه لم يكن يسأل شيئا إلا قال: " نعم ".
قال أبو الفرج ابن الجوزي في هذا الحديث: هو وهم من بعض الرواة لا شك فيه ولا تردد، وقد اتهموا به عكرمة بن عمار راوي الحديث، وإنما قلنا: إن هذا وهم لان أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش، وولدت له، وهاجر بها وهما مسلمان إلى أرض الحبشة، ثم تنصر وثبتت أم حبيبة على دينها، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي يخطبها عليه، فزوجه إياها، وأصدقها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة آلاف درهم، وذلك في سنة سبع من الهجرة، وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة - وهي التي كانت بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش في صلح الحديبية - فدخل عليها، فثنت بساط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يجلس عليه، ولا خلاف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكة سنة ثمان، ولا يعرف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا سفيان.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»