يريد أن يقتل رجلا - فقلت: قد كان بينك وبينهم عهود. فقال: ويحك!
اجعلني وإياهم لا عهد بيننا. فأجهشت (1) نفسي، وكرهت القتل، فذكرت مقامي بين يدي الله عز وجل، فلفظتها، فقلت: دماؤهم عليك حرام، فغضب، وانتفخت عيناه وأوداجه، فقال لي: ويحك، ولم؟! قلت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: ثيب زان، ونفس بنفس، وتارك لدينه " (2). قال: ويحك، أوليس الامر لنا ديانة؟!
قلت: وكيف ذاك؟ قال: أليس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أوصى إلى علي؟
قلت: لو أوصى إليه ما حكم الحكمين. فسكت، وقد اجتمع غضبا، فجعلت أتوقع رأسي تقع بين يدي، فقال بيده: هكذا - أومأ أن أخرجوه - فخرجت، فركبت دابتي، فلما سرت غير بعيد، إذا فارس يتلوني، فنزلت إلى الأرض، فقلت: قد بعث ليأخذ رأسي، أصلي ركعتين، فكبرت، فجاء - وأنا قائم أصلي - فسلم، وقال: إن الأمير قد بعث إليك بهذه الدنانير فخذها. فأخذتها، ففرقتها قبل أن أدخل منزلي. فقال سفيان: ولم أردك أن تحيد حين قال لك ما قال.
الوليد بن مزيد: سمع الأوزاعي يقول: لا ينبغي للامام أن يخص نفسه بشئ من الدعاء، فإن فعل فقد خانهم (3).