سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ١١٤
قلت: يريد أن الأوزاعي حديثه ضعيف من كونه يحتج بالمقاطيع، وبمراسيل أهل الشام، وفي ذلك ضعيف، لا أن الامام في نفسه ضعيف.
قال الوليد بن مسلم: رأيت الأوزاعي يثبت في مصلاه، يذكر الله حتى تطلع الشمس، ويخبرنا عن السلف: أن ذلك كان هديهم، فإذا طلعت الشمس، قام بعضهم إلى بعض، فأفاضوا في ذكر الله، والتفقه في دينه.
عمر بن عبد الواحد: عن الأوزاعي، قال: دفع إلي الزهري صحيفة، فقال: اروها عني. ودفع إلى يحيى بن أبي كثير صحيفة، فقال: اروها عني.
فقال ابن ذكوان: حدثنا الوليد قال: قال الأوزاعي: نعمل بها، ولا نحدث بها - يعني الصحيفة -.
قال الوليد: كان الأوزاعي يقول: كان هذا العلم كريما، يتلاقاه الرجال بينهم، فلما دخل في الكتب، دخل فيه غير أهله. وروى مثلها ابن المبارك، عن الأوزاعي.
ولا ريب أن الاخذ من الصحف وبالإجازة يقع فيه خلل، ولا سيما في ذلك العصر، حيث لم يكن بعد نقط ولا شكل، فتتصحف الكلمة بما يحيل المعنى، ولا يقع مثل ذلك في الاخذ من أفواه الرجال، وكذلك التحديث من الحفظ يقع فيه الوهم، بخلاف الرواية من كتاب محرر (1).
محمد بن عوف: حدثنا هشام بن عمار: سمعت الوليد يقول: احترقت

(1) ولهذا كان العلماء لا يعتدون بعلم الرجل إذا كان مأخوذا عن الصحف، ولم يتلق من طريق الرواية والمذاكرة والدرس والبحث. وإلى مثل هذا أشار ابن سلام في مقدمة " طبقاته " عندما كان يتحدث عن أسباب نحل الشعر التي منها الاخذ عن الصحف دون الرواية فقال (1 / 4): " وقد تداوله [أي الشعر] قوم من كتاب إلى كتاب، لم يأخذوه عن أهل البادية، ولم يعرضوه على العلماء. وليس لاحد إذا أجمع أهل العلم والرواية الصحيحة على إبطال شئ منه، أن يقبل من صحيفة، ولا يروي عن صحفي ".
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»