سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٢٦٣
وينزل الرزق على قدر المؤنة، ومن قدر معيشته، رزقه الله، ومن بذر معيشته، حرمه الله.
وعن رجل، عن بعض أصحاب جعفر بن محمد قال: رأيت جعفرا يوصي موسى، يعني ابنه: يا بني من قنع بما قسم له، استغني، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره، مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسم له، اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة غيره، استعظم زلة نفسه، ومن كشف حجاب غيره، انكشفت عورته، ومن سل سيف البغي. قتل به، ومن احتفر بئرا لأخيه، أوقعه الله فيه، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم. يا بني إياك أن تزري بالرجال، فيزرى بك، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك، يا بني قل الحق لك وعليك تستشار من بين أقربائك، كن للقرآن تاليا. وللاسلام فاشيا، وللمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، ولمن قطعك واصلا، ولمن سكت عنك مبتدئا، ولمن سألك معطيا، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في القلوب، وإياك والتعرض لعيوب الناس فمنزلة المتعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف. إذا طلبت الجود، فعليك بمعادنه فإن للجود معادن، وللمعادن أصولا، وللأصول فروعا، وللفروع ثمرا. ولا يطيب ثمر إلا بفرع، ولا فرع إلا بأصل، ولا أصل إلا بمعدن طيب. زر الأخيار ولا تزر الفجار، فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها، وشجرة لا يخضر ورقها، وأرض لا يظهر عشبها.
عن عائذ بن حبيب، قال جعفر بن محمد: لا زاد أفضل من التقوى، ولا شئ أحسن من الصمت، ولا عدو أضر من الجهل، ولا داء أدوأ من الكذب.
وعن يحيى بن الفرات، أن جعفر الصادق قال: لا يتم المعروف إلا بثلاثة:
بتعجيله، وتصغيره، وستره.
كتب إلي أحمد بن أبي الخير، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»