سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٧٨
وقال الهيثم بن عدي وابن الكلبي: عاش ثلاثا وثلاثين سنة، وقام بعده المنصور أخوه.
وقيل: بل مولده سنة خمس ومئة، وقيل: خرج آل العباس هاربين إلى الكوفة، فنزلوا على أبي سلمة الخلال، فآواهم في سرب (1) في داره. وكان أبو مسلم قد استولى على خراسان، وعين لهم يوما يخرجون فيه، فخرجوا في جمع كثيف من الخيالة، والحمارة والرجالة، فنزل الخلال إلى السرداب، وصاح يا عبد الله، مد يدك، فتبارى إليه الاخوان. فقال: أيكما الذي معه العلامة؟
قال المنصور: فعلمت أني أخرت، لاني لم يكن معي علامة، فتلا أخي العلامة وهي: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة.) الآية [القصص: 5] فبايعه أبو سلمة، وخرجوا جميعا إلى جامع الكوفة، فبويع، وخطب الناس وهو يقول: فأملى الله لبني أمية حينا فلما آسفوه انتقم منهم بأيدينا، ورد علينا حقنا، فأنا السفاح المبيح، والثائر المبير.
وكان موعوكا، فجلس على المنبر، فنهض عمه داود من بين يديه، فقال: إنا والله ما خرجنا لنحفر نهرا، ولا لنبني قصرا، ولا لنكثر مالا، وإنما خرجنا أنفة من ابتزازهم حقنا، ولقد كانت أموركم تتصل بنا، لكم ذمة الله، وذمة رسوله، وذمة العباس، أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونسير فيكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أن هذا الامر فينا ليس بخارج عنا، حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم. (2) فقام السيد الحميري وقال قصيدة. ثم نزل السفاح ودخل القصر، وأجلس أخاه يأخذ بيعة العامة.
ومن كلامه: من شدد نفر، ومن لان تألف، ويقال: له هذان البيتان:

(1) السرب: حفير تحت الأرض لا منفذ له.
(2) اختصر المؤلف خطبة السفاح وعمه. انظرهما بتمامهما في الطبري 7 / 421، 428، ابن الأثير 5 / 411، 415.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»