سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ١٧٤
وأما تعليل بعضهم بأنها صحيفة، وروايتها وجادة (1) بلا سماع، فمن جهة أن الصحف يدخل في روايتها التصحيف لا سيما في ذلك العصر، إذ لا شكل بعد في الصحف، ولا نقط بخلاف الاخذ من أفواه الرجال.
قال يحيى بن معين: هو ثقة، بلي بكتاب أبيه عن جده.
وممن تردد وتحير في عمرو أبو حاتم بن حبان، فقال في كتاب " الضعفاء ":
إذا روى عن طاووس وابن المسيب وغيرهما من الثقات غير أبيه، فهو ثقة، يجوز الاحتجاج به، وإذا روى عن أبيه عن جده، ففيه مناكير كثيرة، فلا يجوز عندي الاحتجاج بذلك.
قال: وإذ روى عن أبيه، عن جده، فإن شعيبا لم يلق عبد الله، فيكون الخبر منقطعا، وإذا أراد به جده الأدنى، فهو محمد، ولا صحبة له، فيكون مرسلا (2).
قلت: قد أجبنا عن هذا، وأعلمنا بأن شعيبا صحب جده، وحمل عنه.
وأخبرنا ابن أبي عمر في كتابه عن الصيدلاني، أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أنبأنا ابن ريذة، أنبأنا الطبراني، حدثنا علي بن عبد العزيز والكجي، قالا: حدثنا حجاج، قال الطبراني: وحدثنا جعفر بن محمد بن

(1) الوجادة في اصطلاح المحدثين: هو أن يقف الراوي على أحاديث بخط راويها، سواء لقيه أو سمع منه أم لم يلقه، ولم يسمع منه، أو وجد أحاديث في كتب مؤلفين معروفين، ففي هذه الأنواع كلها لا يجوز أن يرويها عن أصحابها، بل يقول: وجدت بخط فلان إذا عرف الخط ووثق منه، أو يقول: قال فلان ونحو ذلك وقد نقل عن أكثر المحدثين وفقهاء المالكية وغيرهم أن العمل بالأحاديث التي يتحملها بها غير جائز، ونقل عن الشافعي والمحققين من أصحابه جوازه، وذهب بعض المحققين إلى وجوب العمل بها عند حصول الثقة بما وجده، وهذا هو الصحيح الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة ، فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية، لا نسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها، فإذا اطمأن الباحث إلى صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه، وكان ثقة مأمونا، وجب أن يعمل بما فيه من الأحاديث التي يصح سندها.
(2) كتاب المجروحين والضعفاء 2 / 72.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»