سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ١٦٣
يمرون، وذلك] في الغلس، ورجل يقص، فدعا، فقال: اللهم ارزقنا رزقا طيبا، واستعملنا صالحا، فقال مكحول وهو في القوم: إن الله لا يرزق إلا طيبا. ورجاء بن حياة وعدي بن عدي ناحية، فقال أحدهما لصاحبه:
أسمعت؟ قال: نعم. فقيل لمكحول: إن رجاء وعديا سمعاك. فشق عليه، فقال له عبد الله بن زيد: أنا أكفيك رجاء، فلما نزلوا، جاء ابن زيد فأجرى ذكر مكحول، فقال رجاء: دعه عنك، أليس هو صاحب الكلمة؟ فقال: ما تقول رحمك الله في رجل قتل يهوديا، فأخذ منه ألف دينار فكان يأكل منها، حتى مات: أرزق رزقه الله إياه؟ فقال رجاء: كل من عند الله.
وقال ابن أبي حملة لمكحول: يجالسك غيلان فقال: إنما لنا مجلس، فلا أستطيع أن أقول لهذا: قم ولهذا اجلس.
وقال رجاء بن أبي سلمة، عن عاصم بن رجاء: قال: جاء مكحول إلى أبي، فقال: يا أبا المقدام: إنهم يريدون دمي، قال: قد حذرتك القرشيين ومجالستهم، ولكنهم أدنوك وقربوك، فحدثتهم بأحاديث، فلما أفشوها عنك كرهتها. فراح، فجاء الذين يعيبونه فذكروه، فقال أبي: دعوه، فقد كنتم حديثا وأنتم تحسنون ذكره.
قال رجاء: قال مكحول: ما زلت مستقلا بمن بغاني حتى أعانهم علي رجاء (1)، وذلك أنه رجل أهل الشام في أنفسهم.
قال عبد الرزاق: كان مكحول، يقوله: يعني القدر، وبلغنا أن مكحولا

(1) مضى النص في ترجمة رجاء من هذا الكتاب بلفظ " ما زلت مضطلعا على من ناوأني حتى عاونهم علي رجاء بن حياة " وعلق المصنف رحمة الله عليه بقوله: قلت: كان ما بينهما فاسدا، وما زال الاقران ينال بعضهم من بعض، ومكحول ورجاء إمامان، فلا يلتفت إلى قول أحد منهما في الآخر.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»