سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ١٠٠
جريج، ثم كثير بن فرقد، ثم الليث بن سعد.
وقد اختلف سالم ونافع على ابن عمر في ثلاثة أحاديث، وسالم أجل منه، لكن أحاديث نافع الثلاثة أولى بالصواب. وبلغنا أنهم تذاكروا حديث إتيان الدبر الذي تفرد به نافع عن مولاه، فقال ميمون بن مهران: إنما قال هذا نافع بعد ما كبر وذهب عقله. وروي أن سالما قالوا له: هذا عن نافع، فقال:
كذب العبد، أو أخطأ العبد، إنما كان ابن عمر يقول: يأتيها مقبلة ومدبرة في الفرج.
وعن أبي إبراهيم المنذر الحزامي قال: ما سمعت من هشام بن عروة رفثا قط إلا يوما واحدا، أتاه رجل، فقال: يا أبا المنذر! نافع مولى ابن عمر يفضل أباك عروة على أخيه عبد الله بن الزبير، فقال: كذب عدو الله، وما يدري نافع عاض بظر أمه! عبد الله خير والله وأفضل من عروة.
قلت: وقد جاءت رواية أخرى عنه بتحريم أدبار النساء، وما جاء عنه بالرخصة فلو صح، لما كان صريحا، بل يحتمل أنه أراد بدبرها من ورائها في القبل، وقد أوضحنا المسألة في مصنف مفيد، لا يطالعه عالم إلا ويقطع بتحريم ذلك (1).

(1) اتفق أهل العلم على أنه يجوز للرجل إتيان زوجته في قبلها من جانب دبرها، وعلى أي صفة يشاء، وفيه نزلت الآية، قال ابن عباس * (فأتوا حرثكم أنى شئتم) * قال: ائتها من بين يديها، ومن خلفها بعد أن يكون في المأتى. أخرجه الدارمي 1 / 258 من طريق عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وأخرجه الطبري (4310) من طريق عطاء، عن سعيد عن ابن عباس بلفظ:
ائتها أنى شئت مقبلة ومدبرة ما لم تأتها في الدبر والمحيض، وقال عكرمة: * (فأتوا حرثكم أنى شئتم) *:
إنما هو الفرج. وأما الاتيان في الدبر، فحرام، فمن فعله جاهلا بتحريمه، نهي عنه، فإن عاد، عزر، فقد أخرج الشافعي 2 / 360، وأحمد 2 / 213، والطحاوي 2 / 25، من حديث خزيمة بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن " وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (1299) وابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ووصفه الحافظ في " الفتح " 8 / 43 بأنه من الأحاديث الصالحة الاسناد. وأخرج أحمد 2 / 444 و 479، وأبو داود (2162) وابن ماجة (1923) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأة في دبرها " صححه البوصيري في " الزوائد " وله شاهد من حديث عقبة بن عامر عند ابن عدي في " الكامل " 211 / 1 بسند حسن فيصح به. وأخرج الترمذي (1165) من حديث ابن عباس مرفوعا " لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر " وسنده حسن وصححه ابن حبان (1302) وقال أبو الدرداء حين سئل عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟. وهل يفعل ذلك إلا كافر. أخرجه عنه أحمد (6968) بسند صحيح وهو في الطبري (4332) وسنن البيهقي 7 / 199. وذكر لابن عمر ذلك، فقال: وهل يفعله أحد من المسلمين؟! أخرجه الطبري (4329) والطحاوي 2 / 23، وإسناده صحيح.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»