سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٨٣
الفاعل والمفعول والمضاف، وحرف الرفع والنصب والجر والجزم، فأخذ ذلك عنه يحيى بن يعمر.
قال أبو عبيدة: أخذ أبو الأسود عن علي العربية. فسمع قارئا يقرأ (أن الله برئ، من المشركين ورسوله (1)) [التوبة: 3] فقال: ما ظننت أن أمر الناس قد صار إلى هذا، فقال لزياد الأمير: ابغني كاتبا لقنا (2) فأتى به فقال له أبو الأسود: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه، وإذا رأيتني قد ضممت فمي، فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت، فانقط نقطة تحت الحرف، فإذا أتبعت شيئا من ذلك غنة فاجعل مكان النقطة نقطتين.
فهذا نقط أبي الأسود (3).
وقال المبرد (4): حدثنا المازني قال: السبب الذي وضعت له أبواب النحو أن بنت أبي الأسود قالت له: ما أشد الحر! فقال: الحصباء بالرمضاء، قالت: إنما تعجبت من شدته. فقال: أوقد لحن الناس؟! فأخبر بذلك عليا رضي الله عنه فأعطاه أصولا بنى منها، وعمل بعده عليها. وهو أول من نقط المصاحف، وأخذ عنه النحو عنبسة الفيل، وأخذ عن عنبسة ميمون الأقرن، ثم أخذه عن ميمون عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وأخذه عنه عيسى بن عمر، وأخذه عنه الخليل بن أحمد، وأخذه عنه سيبويه، وأخذه عنه سعيد الأخفش (5).
يعقوب الحضرمي: حدثنا سعيد بن سلم الباهلي، حدثنا أبي، عن

(1) أي: بكسر اللام.
(2) اللقن: سريع الفهم.
(3) الخبر في تاريخ الاسلام 3 / 95، وانظره مفصلا في صبح الأعشى 3 / 160.
(4) انظر الأغاني 12 / 298، وطبقات النحويين 21، وتاريخ الاسلام 3 / 95.
(5) هو الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة المجاشعي المتوفى 215 ه‍.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»