جزاري مكة ولست أرضى بهذه المنزلة، فإلى أي الفريقين أعمد؟ قال عبد الله: إن كنت لابد فاعلا فإلى علي، قال: ثكلتك أمك، إني إن أتيته، قال لي: إنما أنت رجل من المسلمين، وإن أتيت معاوية، خلطني بنفسه، وشركني في أمره، فأتى معاوية (1).
وقيل: إنه قال لعبد الله: إنك أشرت علي بالقعود، وهو خير لي في آخرتي. وأما أنت يا محمد، فأشرت علي بما هو أنبه لذكري، ارتحلا، فأتى معاوية، فوجده يقص ويذكر أهل الشام في دم الشهيد. فقال له: يا معاوية، قد أحرقت كبدي بقصصك، أترى إن خالفنا عليا لفضل منا عليه، لا والله! إن هي إلا الدنيا نتكالب عليها، أما والله لتقطعن لي من دنياك أو لأنابذنك، فأعطاه مصر. وقد كان أهلها بعثوا بطاعتهم إلى علي (2).
الطبراني: حدثنا يحيى بن عثمان، حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا سعيد ابن عبد الرحمن، عن أبيه، عن يعلى بن شداد بن أوس، عن أبيه: أنه دخل على معاوية، وعمرو بن العاص معه، فجلس شداد بينهما، وقال: هل تدريان ما يجلسني بينكما؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا رأيتموهما جميعا ففرقوا بينهما، فوالله ما اجتمعا إلا على غدرة " (3).
وقيل: كتب علي إلى عمرو، فأقرأه معاوية وقال: قد ترى (ما كتب إلي علي)، فإما أن ترضيني، وإما أن ألحق به. قال: ما تريد؟ قال:
مصر، فجعلها له (4).