سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٦٢
تقتله وأصحابه، لا أقطع هذه النطفة (1) إليك أبدا. قال: ادعه. قلت:
إنه لا يجئ معي، فأرسل إليه معي رسولا، فجاء، فلما انتهينا إلى الباب، ناديت: ائذن لعمرو بن العاص، ونادى هو: ائذن لحزب الله، فسمع صوته، فأذن له ولأصحابه، ثم أذن لي، فدخلت، فإذا هو جالس، فلما رأيته جئت حتى قعدت بين يديه، فجعلته خلفي، قال:
وأقعدت بين كل رجلين من أصحابه رجلا من أصحابي، فقال النجاشي:
نخروا (2) فقلت: إن ابن عم هذا بأرضنا يزعم أن ليس إلا إله واحد.
قال: فتشهد، فإني أول ما سمعت التشهد ليومئذ. وقال: صدق، هو ابن عمي وأنا على دينه. قال: فصاح صياحا، وقال: أوه، حتى قلت:
ما لابن الحبشية؟ فقال: ناموس مثل ناموس موسى. ما يقول في عيسى؟ قال: يقول: هو روح الله وكلمته، فتناول شيئا من الأرض، فقال: ما أخطأ من أمره مثل هذه. وقال: لولا ملكي لاتبعتكم. وقال لعمرو: ما كنت أبالي أن لا تأتيني أنت ولا أحد من أصحابك أبدا. وقال لجعفر: اذهب فأنت آمن بأرضي، من ضربك، قتلته (3). قال: فلقيت جعفرا خاليا، فدنوت منه، فقلت: نعم (4) إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعبده. فقال: هداك الله. فأتيت أصحابي، فكأنما

(١) النطفة: أراد بها ماء البحر. أي: لا نسافر إليك.
(٢) أي: تكلموا. كما جاء مفسرا في رواية البزار من قبل عمرو بن العاص راوي الحديث.
قال ابن الأثير في " النهاية ": نخروا: أي تكلموا. كذا فسر في الحديث، ولعله إن كان عربيا مأخوذ من النخير: الصوت، ويروى بالجيم نجروا: أي سوقوا الكلام. وقد التبست على محقق المطبوع، فلم يتبينها، فرسمها كما هي، وقال: هكذا في الأصل.
(3) في رواية أبي يعلى زيادة هي: " ومن سبك غرمته، وقال لآذنه: متى أتاك هذا يستأذن علي. فائذن له، إلا أن أكون عند أهلي، فإن كنت عند أهلي، فأخبره، فإن أبي، فائذن له ".
(4) في " المطالب العالية ": " تعلمن "، وفي " المجمع ": " أتعلم "، وفي " كشف الأستار ": " تعلم ".
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»