سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٥٤٤
نفسي. وقاتل حتى قتل، وأمكن أهل القصر من أنفسهم، فبعث إليهم عباد ابن حصين، فكان يخرجهم مكتفين، ويقتلهم. فقال رجل لمصعب بن الزبير: الحمد الله الذي ابتلانا بالاسر، وابتلاك أن تعفوا، وهما منزلتان إحداهما رضى الله والاخرى سخطه، من عفا، عفا الله عنه، ومن قتل، لم يأمن القصاص، نحن أهل قبلتكم وعلى ملتكم، لسنا تركا ولا ديلما، قاتلنا إخواننا كما اقتتل أهل الشام بينهم، ثم اصطلحوا، وقد ملكتم فأسجحوا، فرق مصعب، وهم أن يدعهم، فوثب عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وقال: اخترنا أو اخترهم، وقال آخر: قتل أبي في خمس مئة من همدان وتخليهم؟!. وسمرت كف المختار إلى جانب المسجد.
وروى إسحاق بن سعيد، عن أبيه قال: جاء مصعب يزور ابن عمر، فقال: أي عم! أسألك عن قوم خلعوا الطاعة، وقاتلوا حتى إذا غلبوا، تحصنوا، وطلبوا الأمان، فأعطوا، ثم قتلوا. قال: كم العدد؟ قال:
خمسة آلاف، فسبح ابن عمر، ثم قال: يا مصعب! لو أن امرءا أتى ماشية الزبير، فذبح منها خمسة آلاف شاة في غداة أكنت تعده مسرفا؟ قال:
نعم، قال: فتراه إسرافا في البهائم. وقتلت من وحد الله. أما كان فيهم مكره أو جاهل ترجى توبته، اصبب يا ابن أخي من الماء البارد ما استطعت في دنياك.
وقد كان المختار معظما لابن عمر ينفذ إليه بالأموال، وكان ابن عمر تحته صفية أخت المختار.
ونشأ المختار بالمدينة يعرف بالميل إلى بني هاشم، ثم سار إلى البصرة يظهر بها ذكر الحسين في أيام معاوية، فأخبر به عبيد الله بن زياد، فأمسك، وضربه مئة ودرعه عباءة، ونفاه إلى الطائف. فلما عاذ ابن الزبير بالبيت، خرج إليه.
(٥٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 » »»