سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٥٤٣
كفرت بوحيكم وجعلت نذرا * علي هجاءكم حتى الممات أري عيني ما لم ترأياه * كلانا عالم بالترهات ووقع المصاف، فقتل ابن زياد، قده ابن الأشتر نصفين. وكان بطل النخع، وفارس اليمانية فدخل الموصل، واستولى على الجزيرة. ثم وجه المختار أربعة آلاف فارس في نصر محمد ابن الحنفية، فكلموا ابن الزبير، وأخرجوه من الشعب، وأقاموا في خدمته أشهرا، حتى بلغهم قتل المختار، فإن ابن الزبير علم مكره، فندب لحربه أخاه مصعبا، فقدم محمد بن الأشعث، وشبث (1) بن ربعي إلى البصرة يستصرخان الناس على الكذاب، ثم التقى مصعب وجيش المختار، فقتل ابن الأشعث، وعبيد الله بن علي بن أبي طالب، وانفل الكوفيون، فحصرهم مصعب في دار الامارة، فكان المختار يبرز في فرسانه، ويقاتل حتى قتله طريف الحنفي وأخوه طراف في رمضان سنة سبع وستين، وأتيا برأسه مصعبا، فوهبهما ثلاثين ألفا، وقتل من الفريقين سبع مئة.
وقيل: كان المختار في عشرين ألفا. ثم إن مصعبا أساء، فأمن بقصر الامارة خلقا، ثم قتلهم غدرا، وذبحت عمرة بنت النعمان بن بشير صبرا، لأنها شهدت أن زوجها المختار عبد صالح. وأقبل في نجدة مصعب المهلب ابن أبي صفرة في الرجال والأموال، ولما خذل المختار، قال لصاحبه: ما من الموت بد، وحبذا مصارع الكرام، وقل عليه القوت في الحصار والماء، وجاعوا في القصر، فبرز المختار للموت في تسعة عشر مقاتلا.
فقال المختار: أتؤمنوني؟ قالوا: لا، إلا على الحكم، قال: لا أحكم في

(1) تحرفت في المطبوع إلى " شئيت ".
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»